IMLebanon

ليس قبل أن يسقط الموارنة بعضهم البعض

كان مفترضاً بالترشيحات الرئاسية أن تُسهم في حل الأزمة على الأقل إن لم يكن أن تسرّع حلّها، خصوصاً وأنّ هذه الترشيحات، أو بالتحديد لأن هذين الترشيحين جاءا خارجين عن المألوف. فليس بالأمر البسيط أن يرشح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية للرئاسة. وليس بالأمر العادي أن يدعم الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون ويتبناه لرئاسة الجمهورية.

في الظاهر يبدو هذا الأمر، في شقيه، قراراً داخلياً، فيلتقي الطرفان الرئيسان في فريق 14 آذار على ترشيح ودعم ترشيح طرفين بارزين أحدهما في فريق 8 آذار والثاني حليف له… مع تسجيل مفارقة لافتة وهي أن أحد المرشحين عضو في تكتل نيابي كبير يترأسه المرشح الآخر.

ولقد أثبتت الوقائع أنّ الترشيحات شيء والواقع الرئاسي شيء آخر، وإن بينهما بعداً شاسعاً جداً. فعندما أعلن عن ترشيح فرنجية »جديا« من قبل الحريري سارع كثيرون الى إعتبار الإنتخابات الرئاسية »واقعة حتماً«، مضيفاً »وخلال أيام معدودة«. والأمر ذاته يصح عندما أُعلن عن تبني جعجع ترشيح عون…

وها هي الأمور تعود الى نقطة الصفر كما يبدو من خلال التطورات الرئاسية أو »اللاتطورات« إذا صحت الدلائل البارزة ظاهرياً على المشهد الرئاسي…

طبعاً ليست اللعبة الرئاسية بهذا التبسيط، فثمة ما يجري خلف الستار، وهو غير قليل. إلاّ أنّ الصراحة تقتضي القول، بل الإعتراف، بأنه تتعذر لبننة الإستحقاق الرئاسي… لألف سبب وسبب أبرزها إثنان متلازمان. أولهما أنّ الأطراف الداخلية تخلّت عن أدوارها الى الخارج، والثاني أن الخارج إستمرأ دوره وتأثيره وقراره، وليس من السهولة بمكان ان يتخلى عن هذه كلها… إضافة الى تعذر تفلّت أطراف الداخل من القرار الخارجي إلاّ لقاء ثمن مرتفع وكبير الوطأة.

عند هذه الحقيقة يطرح السؤال ذاته: ولماذا لا يبادر الخارج الى حل العقدة الرئاسية اللبنانية وهو صاحب الدور والتأثير والقرار؟

والجواب هو أيضاً واضح هذه المرة: لأنّ الصراع الإقليمي لم يُحسم، بعد، بصيغة نهائية يصدر عنها رابح وخاسر… أو أن تنتهي بـ»مصالحة« إقليمية لاشك في أن السعي لاتمامها يجري بقوة، وإن لم يكن بسرعة.

لذلك يمكن الجزم بأنّ إنتخاب رئيس للبنان هو في آخر إهتمامات الإقليم والخارج الأبعد، باستثناء جهتين، كما ذكرنا سابقاً وهما فرنسا ذات النفوذ الذي تقلّصت رقعته في المنطقة الى ادنى الحدود، والڤاتيكان الذي يسعى، إلاّ أنّ مساعيه ليست محكومة دائماً بالنجاح، خصوصاً عندما تكون نظرته الى المتنافسين الرئاسيين متساوية للأسباب المعروفة.

فمتى يُفرج الخارج عن الإستحقاق الرئاسي!

هذا هو السؤال المركزي الذي يبدو أن الجواب عليه لن يأتي قبل أن يكون الموارنة الأشاوس قد »أنجزوا« إسقاط بعضهم البعض الآخر.