IMLebanon

لا مُصالحة قريبة بين «المردة» و«الوطني الحُرّ»

ظنّ الكثيرون أنّ العلاقة بين «تيّار المردة» و«التيار الوطني الحُرّ» ستعود إلى مجاريها ما أن تنتهي ترسّبات معركة رئاسة الجمهوريّة التي تواجه فيها بشكل مُباشر كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيّة، خاصة أنّ عدة أطراف دخلت على خط المُصالحة المنشودة، ومن بينها «حزب الله»، لكن من دون أن تُثمر هذه الجهود عن نتيجة تُذكر. فهل من مُصالحة قريبة بين الطرفين، وإذا لا، ما هي الأسباب التي لا تزال تحول دون عودة المياه إلى مجاريها بين الزعيمين؟

أوساط سياسيّة مُتابعة لتطوّر الخلاف المذكور، أشارت إلى أنّ تدهور العلاقة بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيّة لم يكن وليد تضارب مصالحهما وطموحاتهما الرئاسيّة فحسب، وذكّرت بأنّ اهتزاز العلاقة الثنائيّة يعود إلى سنوات طويلة، وتحديدا منذ أن رفض الزعيم الزغرتاويّ أن يكون مُجرّد رقم إضافي ضُمن «تكتّل التغيير والإصلاح» الذي كان يجتمع في الرابية برئاسة العماد عون. وذكّرت هذه الأوساط أيضا بأنّ العلاقة بين عون وفرنجية كادت أن تنفجر عشيّة الانتخابات النيابيّة في العام 2009، لولا تدارك «الجنرال» ومُمارسته ضغوطًا كبيرة لسحب المُرشّح «العَوني» في حينه، العميد المُتقاعد فايز كرم» (سُجن لاحقًا لمدّة سنتين بتهمة التخابر مع العدوّ الإسرائيلي) من المعركة، لتجنّب الدخول في مُواجهة مباشرة مع فرنجيّة الذي يعتبر دائرة زغرتا حصّته الصافية. وتابعت الأوساط نفسها أنّ العلاقة بين «التيار الوطني الحُرّ» و«تيّار المردة» شابها أيضا في السنوات الماضية توتّر سرّي، نتيجة سعي «المردة» إلى فتح مكاتب حزبيّة في العديد من المناطق ذات الكثافة السُكّانية المسيحيّة، الأمر الذي اعتبره «العونيّون» مُحاولة مكشوفة للأكل من صحن التيار البرتقالي – إذا جاز التعبير.

وأضافت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ ما يحول اليوم دون عودة الصفاء إلى العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس «تيّار المردة» اللذين يُصنفان في خانة الحليفين المَوثوقين لحزب الله، يتجاوز ارتدادات انتخابات الرئاسة التي صارت صفحة من الماضي بالنسبة إلى الطرفين، ويتركّز على ثلاث مسائل مُحدّدة:

– المسألة الأولى تابعت الأوساط، تتمثّل في القوانين الانتخابيّة المُقترحة من قبل «التيّار الوطني الحُر» والتي لا تأخذ – برأي «تيّار المردة»، مصالح النائب فرنجيّة في الاعتبار. وذكّرت أنّه في انتخابات العام 2009 النيابيّة، وصل عدد المُقترعين في دائرة قضاء زغرتا إلى نحو 34,700 ناخب، وقد نال النائب فرنجية 19,227 صوتًا منها، في مُقابل 16,251 صوتًا لمنافسه ميشال معوّض، وبلغ متوسّط لائحة النائب فرنجية 18,061 صوتًا (أي 52 %) في مُقابل 14,903 كمتوسّط للائحة معوّض (أي 43 %). ويخشى «تيّار المردة» أنّ يقوم «التيار الوطني الحُر» في الانتخابات المُقبلة بتشكيل لائحة تضمّه إلى «القوات» و«حركة الاستقلال»، بشكل يُعرّض سيطرة «المردة» المُطلقة على زغرتا للخطر، علما أنّ ضمّ دوائر مثل البترون أو الكورة أو بشرّي إلى زغرتا – كما هو مُقترح – يُصعّب المهمّة على «المردة»، نظرًا إلى تمتّع «القوات» بحضور قوي في بعض هذه الدوائر وتمتّع «التيار الوطني الحُرّ» بحُضور قوي في دوائر أخرى. ولفتت الأوساط نفسها إلى أنّ حماوة المعركة المُرتقبة في الشمال والتقارب على صعيد الأرقام، يرفع من أهمّية الصوت السنّي، بخاصة في زغرتا والكورة، ويجعل من أيّ تحالف مُحتمل بين «العونيّين» و»المُستقبل» قاتلاً بالنسبة إلى «تيار المردة».

– المسألة الثانية تتمثّل في التحالف بين «التيار الوطني الحُر» وحزب «القوات اللبنانيّة» والذي يهدف في رأي «تيّار المردة» أيضًا، إلى الاستئثار بالشارع المسيحي، وإلى مُحاولة قضم أكبر عدد مُمكن من المقاعد النيابيّة، تمهيدًا لوضع اليد على مختلف المراكز الرسميّة التي تعود إلى المسيحيّين وفقًا لتقسيمات الدستوراللبناني ولأعرافه. ورأت الأوساط أنّ ما حصل منذ انتخاب العماد عون رئيسًا، لجهة حصّة «التيار – القوات» الوزاريّة، وحصّة «التيار الوطني الحرّ» في التعيينات الأمنيّة وغيرها، عزّز هواجس «تيّار المردة» بأنّه مُستهدف، إلى درجة صار يعتقد معها أنّه ما كان ليحصل حتى على وزارة واحدة وازنة، لولا تدخّل وضغوط «الثنائي الشيعي»!

– المسألة الثالثة تتمثّل في التنافس الشخصي بين كل من رئيس «التيار الوطني الحُر» وزير الخارجية جبران باسيل، ورئيس «تيّار المردة» النائب سليمان فرنجيّة، وذلك على الزعامة المناطقيّة في الشمال، وعلى الزعامة داخل البيئة المسيحيّة، وخُصوصًا أنّ عُيونهما شاخصة على موقع رئاسة الجُمهوريّة في دورة العام 2022 ، حيث يطمح كل من الوزير باسيل والنائب فرنجيّة – شرحت الأوساط نفسها – لأنّ يكون الرئيس رقم 14 للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال. وأضافت أنّ هذا الأمر يتطلّب التمتّع بكتلة نيابية وازنة، والإمساك بمفاصل رئيسة في السُلطة، والأهمّ بناء تحالفات وطيدة مع أكثر من طرف سياسي فاعل.

وانطلاقا مَمّا تقدّم، خلصت الأوساط السياسيّة إلى التأكيد، أن لا مُصالحة قريبة بين «المردة» و«التيار الوطني الحُرّ»، لكل الأسباب المذكورة أعلاه.