IMLebanon

… ولا عصا موسى!

تغلب نبرة “الزعماء” على خطب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمام الحشود ولعلها من خلفية غالبا ما كانت تفصل فيها شعرة بين الزعامة الدينية والزعامات السياسية في تشابك مكونات البطريرك. واذا كانت من دلالة لصعود هذه النبرة قبل يومين الى حدود تلويح البطريرك من اوستراليا “بهز العصا” للسياسيين والنواب فانها من دون اي ريب تتصل بمحنة الصوت العالي البطريركي الذي يظل دويه عاليا منذ بدء محنة الازمة الرئاسية ولا من يسمع ولا من يستجيب.

ليس الامر هنا لمناقشة ماذا يجوز وماذا لا يجوز في الخطاب البطريركي، فأهل الصرح وسيده أدرى بشعاب بكركي. ما يعني اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا هو مآل مسار موغل في التأزم من منطلق “اللاءات” اياها التي قرن بها البطريرك التلويح بعصاه لاي مؤتمر تأسيسي واي مثالثة الى جانب لا ساخطة لاستمرار قصر بعبدا خاويا ومنسيا. هي بخلاصات سريعة ذروة التعبير عن دوران في حلقة خاوية لا تعثر فيها الزعامة الكبرى للموارنة على نفق يقودهم الى كسر حلقة الصراع المذهبي الكبير المتحكم بمصير الرئاسة الفارغة، واكثر من ذلك علامة صعود الخوف من ضربة قاصمة هذه المرة للنظام ما دام المسيحيون يترنحون عند آخر خلجات التأثير في قواعد الاشتباك ومعادلات الاطلالة على ما بعد الاشتباك.

وليس من الغرابة ابدا ان تضج مواقع التواصل الاجتماعي مثلا، على ما تنطوي عليه متابعتها من دلالات فورية وحتى عصبية، بنوع من الاغراق في الضياع الشعبوي الذي يراوح بين نقد لاذع للبطريرك وسؤاله لماذا لا يستعيض عن هز عصاه بما هو اجدى اي فضح المعطلين للانتخابات الرئاسية بالاسماء والجهات والافرقاء وبين متحمسين لموقف حار غير مألوف في ادبيات البطريرك. ترانا هنا نسأل اي فارق بين موقف البطريرك الجارف في سخطه وموقف القوى المسيحية الوازنة من التمديد الناجز على ابواب ساحة النجمة ما دامت لا العصا تملأ فراغا ولا الاعتراض يوقف تمديدا او يقيم بديلا منه؟

لا نثير هذه المعادلة من منطلق بكائيات على “الدور” المسيحي الذي على رغم كل ما يبرر التشاؤم بزواله المتدرج لن تضمحل امكانات تعويمه ولكن بدفع خارجي لا داخلي. لكن ذلك لا يحجب حقيقة قاسية هي ان معزوفات الخشية من مؤتمر تأسيسي او من معادلات ناشئة مكان المناصفة “المعنوية” لا العددية لم تعد مجدية امام صعود معادلات واقعية تثبت ان زمام الحكم والسلطة والميثاق بات رهن نتائج الصراع المذهبي الواسع والمتعاظم وان تعطيل الانتخابات الرئاسية كلما تمادى في الزمن سيجعل المسيحيين يترحمون على لبنان الذي كان. وحتى عصا موسى لن تقوى حينذاك على اعادة عقارب الساعة الى الوراء.