تراودنا الهواجس أحياناً ويدقُّ القلق الأبواب، منادياً هبّوا املأوا كاس المنى قبل أن يملأ كاسَ العمر كفُّ القدر. وهذا طبيعيٌ”.
مع قرب انتهاء السنة الثانية للفراغ الرئاسي، لا نُلامُ إذا وضعنا أيدينا على قلوبنا، فيما تراودنا التهديدات من جهتين على الأقل: “الفَدْرَلَة” على الطريقة الكرديَّة، والتوطين الذي تحوَّل مادة “مُدْهنة” للمزايدات في البازارات السياسيَّة لبنانياً. وهذا بديهيٌّ.
إذا ما نظرنا إلى الوضع في سوريا والعراق واليمن وليبيا وباقي الدول العربيّة، تجدنا نعترف ضمناً وعلناً أن في الأمر خريطة شرقُ أوسطية جديدة، مهمتها إعادة النظر في خريطة سايكس – بيكو التي مرَّ عليها قرن كامل، وأكل عليها الدهر وشرب، كما أكلت ما تبقّى المتغيِّرات المتتابعة في الأنظمة والعلاقات والتحالفات…
لم يعد خفيّاً اتفاق الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المنطقة العربيَّة، وما حولها وحواليها. وقد اكتسب هذا الاتفاق غير المكتوب وغير المعلن رسمياً “وصفاً” شبه نهائي، يحمل اسم وزير خارجية أميركا جون كيري واسم وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف.
وعلى أساس أنه سيحل مع الأيام محل اسمين طبعا اتفاقاً استمرَّ مئة عام…
أيّها اللبنانيّون، على رغم اهمالكم للبنان، وتساهلكم مع الطامعين به والمكيدين له، يقول لكم ذوو الألباب لا تخافوا من المثرثرين والدسَّاسين والمتاجرين بجروح بلدكم وتمزُّق رقعته وحكاية الألفة التي كانت تجمع ما ترزح تحت وطأته القارات: فلبنانكم لن يُمسّ. والمظلَّة الدوليّة مصرَّة على مواصلة حمايته، واحاطته بكل عناية.
وفي معلومات يتداولونها خلف الأبواب المقفلة أن قيصر الروسيا العظمى بوتين وعَدَ وتوعَّد كل مَنْ يحاول أن يفسخ هذا الولد اليتيم الذي لا أب له يسأم، فيما اكتفى الرئيس أوباما بابداء التفهُّم لفرادة هذا اللبنان، والتشديد على صون نموذجه.
إلا أن التطمين المزدوج، والمهم جداً، لا يعدنا باخراج لبناننا من جبّ الأفاعي، ومن الفراغ الرئاسي، ومن التسيُّب والفلتان، واسترداده من أهل الفساد و”القيَّمين” على كل شاردة وواردة.
آخر نشرة، بل آخر رسالة شفهيَّة تبلَّغتها بيروت تطمئن الذين تلعب الفئران في أعبابهم الى أن لا تغيير في التركيبة والصيغة والنظام. لا توطين بصورة خاصة وعامة وأكيدة.
إنّما فترة الفراغ الرئاسي قد تطول أكثر بقليل ممّا تصوّره البعض وتوقّعه البعض الآخر. أما عن الأمن والاستقرار والاستمرار بكفالة المظلَّة الدولية، فحدِّث ولا حرج.
هنا بالذات يجب لفت المستعجلين الى وجوب متابعة تطوّرات سوريا المهمّة جداً، والبناء على نتائجها.