IMLebanon

الارهاب لا يُعالج بالقوة

في الوقت الذي كان المسلمون في العالم ينتظرون التماس هلال شهر شوال للاحتفال بعيد الفطر السعيد وقعت موجة من التفجيرات الارهابية، أربعة في المملكة العربية السعودية، أحدها في الحرم النبوي الشريف.

ونلاحظ أنّ الارهاب يفجّر المصلين بإسم الدين.

ولا يفوتنا التوقف عند رمزية المكان.

هذا كله بإسم الدين.

أي دين يسمح لهؤلاء المجرمين الارهابيين أن يقتلوا الناس؟

وهل من إجرام بعد هذا الإجرام؟

أمّا الذين يتذرّعون ويتهمون الوهابية، فكيف يفسّرون الأمر؟ وهل تفجر الوهابية نفسها؟!.

وإلى الإجرام الذي استهدف المملكة أنقذت العناية الإلهية الكويت، فأوقعت عناصر ثلاث خلايا إرهابية في يد الامن الكويتي قبل أن يفجروا ويقتلوا المزيد من الأبرياء ممارسين لعبة الإجرام.

حذرنا مراراً وتكراراً من أنّ هذه الموجة ستجتاح العالم، لأنّ المعالجة الحقيقية لهذه الظاهرة لم تكن كما يفترض أن تكون، فيظنون أنّ القضاء عليها يكون بالحديد والنار.

ولكن من يريد أن يتخلص من هذه الآفة الخطرة عليه أن يغيّر الاسلوب المعتمد، وفي عودة الى الأمس القريب: الولايات المتحدة الاميركية لم تتدخل لإنقاذ الشعب السوري المظلوم من الفتك والإبادة اللذين يمارسهما النظام السوري المجرم على شعب مسالم تظاهر مطالباً بحقه في الحياة الحرّة الكريمة.

ولم يكتفِ النظام المجرم في سوريا بذلك بل لجأ أيضاً مع النظام المجرم الآخر في العراق برئاسة نوري المالكي الى إطلاق المجرمين من السجون وتركوا لهم الحرية… فتحوّلت الثورة السلمية الى ثورة مسلحة.

ومن المعروف انه قبل اواسط عام 2012 اي بعد بداية الثورة السورية بسنة ونصف السنة لم يكن لداعش والنصرة وجود في سوريا، بل حدثت انشقاقات في الجيش، وتكونت نواة الجيش السوري الحر، غير ان النظام بإفراجه عن المتطرفين في سجونه بأكثر من مرسوم عفو، وعمله على تسليحهم ليقول للعالم إنه يحارب الارهاب، وفي عمله هذا انقلب السحر على الساحر، وتنامت هاتان القوتان المتطرفتان لتواجها، ليس النظام، بل الجيش الحر والمعارضة الشريفة، ولتعيثا في سوريا فساداً وافساداً، وما موضوع شراء النظام للنفط من داعش إلا دليل على تورط هذا النظام في تنامي قوة التنظيم.

واللافت ايضاً ان هجمات النظام الجوية والبرية كانت في معظمها تستهدف المعارضة وليس داعش، وداعش كما أسلفنا القول يستهدف المعارضة ايضاً، وهذه مفارقة واضحة ومفضوحة، وما سقوط تدمر بهذه السهولة واسترجاعها بهذه السهولة إلا دليل على تواطؤ هذا النظام.

وكذلك الامر في العراق، فقبل الغزو الاميركي عام 2003 لم يكن هناك من تفجيرات، ولا انتحاريين، ولا مفخخات، ولكن بعد الاحتلال الاميركي جرى الضغط على أهل السنة والتضييق عليهم، وممارسة العنف ضدهم من أطياف عدة، والمعروف ان العنف لا يولد إلا العنف لذلك يحدث ما يحدث، وبدأ التطرف بالتغلغل في العراق، ليستهدف الشعب بلا تفريق.

ونعود لنقول إنّ المعالجة الحقيقية لهذه الظاهرة تبدأ من المعالجة الاجتماعية: القضاء على الفقر، فتح المدارس لانتشال المجموعة التائهة من يد الارهاب.

وفعلاً لو تدخلت واشنطن وعاقبت رئيس النظام السوري المجرم، لكانت حجبت أنهار الدماء ليس فقط في سوريا بل في بلدان عديدة بما فيها البلدان الغربية، ولكان تحوّل الشعب السوري الى شعب مسالم، كما هو في طبيعته، ولكانت تحققت الديموقراطية التي كان الرئيس الاميركي جورج بوش الذي دخل العراق بدعوى تحقيقها.

وتحالف الــ64 دولة بقيادة واشنطن ومعها الطائرات والسفن لقتل الناس، كان الأجدر به أن يتولّى ردع النظام عن قتل شعبه…

ولكن، من الواضح تماماً ان لا حل عسكرياً، بل إن الحل يكمن بالحوار السياسي، للوصول الى اتفاق يوقف الذبح والقتل والتدمير والتهجير، والعمل على بناء سوريا الديموقراطية الحرة الجديدة بعيداً من تسلط العسكر والديكتاتوريات، ونظام العائلة.

من هنا، وفي آخر ايام شهر رمضان المبارك ندعو أميركا والعالم كله الى وقفة ضمير لوقف هذا العنف ومعالجة الحال بتحقيق الديموقراطية والعدالة الاجتماعية بدل القتل والتدمير.

عوني الكعكي