IMLebanon

ليس دفاعاً عن حنا غريب!

قبل أن تعلن قوى 8 و14 آذار تشكيل اللائحة التوافقية لانتخابات رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، كانت الاتصالات تدور على أعلى مستوى لجمع الأطراف في المقلبين، منعاً لحدوث معركة بين المتنافسين، تسمح بخرق نقابي من أساتذة غير محسوبين على الطرفين، ومنهم حنا غريب. والأخير، وإن كان عضواً في قيادة الحزب الشيوعي، الا انه لا يمثل أي قوة في النظام، وبالتالي لديه حرية حركة مع زملاء له في تحديد خيارات الرابطة وتحركها في ملف سلسلة الرواتب وغيرها. حصل التوافق وأخذ شكل المحاصصة بين الأطراف الممسكين بالقرار السياسي في البلد، والممثلين في مجلسي النواب والحكومة، فكانت النتيجة الإمساك برابطة الثانوي، على الرغم من خرق حنا غريب وفيصل زيود اللائحة المستقلة.

سيسأل البعض عما إذا كان التحالف هدفه إضعاف حنا غريب، أو إسقاطه، بصفته النقابية أولاً قبل السياسية، وإن كان يتحمل الكثير من المسؤوليات ومعه كل الرابطة السابقة عما آلت اليه مطالب المعلمين في السلسلة، والإخفاق في تحقيقها، والوصول الى طريق مسدود في مقاطعة تصحيح الامتحانات، انما في العمل النقابي هناك إخفاقات ونجاحات، لذا فالمشكلة لم تكن في ما حققته الرابطة السابقة وإجراء جردة في الخسائر والأرباح وقياس الجدوى في أي تحرك مقبل ضاغط من أجل إقرار السلسلة، بل في وضع اليد على رابطة الثانوي وتفكيكها وضرب استقلاليتها، لتتحول مجرد رابطة ملحقة بالقوى السياسية تتحرك وفق مشيئتها ومصالحها وارتباطاتها.

وليس الأمر مرافعة أو دفاعاً عن حنا غريب، الذي اتخذ قراراً جريئاً في مواجهة تحالف أكثر من رباعي لقوى 8 و14 آذار، وإن كانت هذه القوى تركت مقعداً شاغراً، وقراره كان صائباً حين نعرف أن أكثر من 40% من مندوبي الثانوي صوتوا للائحة المستقلة، ما يعكس حيوية نقابية في هذا الجسم، رفضاً للوائح المعلبة ومصادرة التمثيل النقابي، وتمثيل المصالح أيضاً، ولاحقاً إنهاك التعليم الثانوي الرسمي، حيث شكلت رابطة الثانوي تاريخياً بنية اعتراضية في مواجهة ضرب مستوى التعليم، وحلت في طليعة الحركة النقابية التعليمية، على الرغم مما أصابها من ترهل أخيراً، كان يحتاج الى إعادة نظر في العمل المطلبي والشروع في عملية نقد ذاتي وتقويم يسمح بانطلاقة جديدة، وذلك قبل ان نشهد الانقضاض الحزبي عليها.

والحقيقة أن رابطة الثانوي اليوم، ليست كما الأمس، وإن كانت القضية لا تقتصر على الأسماء، رغم ما مثله غريب من تميز نقابي، فرئيس الرابطة المتفق عليه والمحسوب على “التيار الوطني الحر” هو استاذ ناشط تربوياً، لكنه سيقود رابطة مقيدة سياسياً، بحيث إن نقابيتها مشكوك فيها، على غرار نقابات عمالية كثيرة ملحقة يعيّن أعضاء هيئاتها بالسياسة، وهو ما سيطرح على بساط البحث مصير الحركة النقابية التعليمية كلها وأيضاً مستقبل هيئة التنسيق النقابية.