IMLebanon

ليس دفاعا عن زياد بارود  

 

لم أصدّق ما قرأته في بعض مواقع التواصل الإجتماعي من حملة ممنهجة حيناً، ومرتجلةً حيناً آخر، وغبيّة في كل حين (…)يتهجم القائمون بها (وأكاد أقول القيمون عليها إذ تتعذر البراءة المطلقة في هكذا حالات) على وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود.

 

أمّا السبب فهو الإدّعاء بإسم «المجتمع المدني»، بأنَّ زياداً يتجه للدخول في لائحة انتخابية عن قضاء كسروان في دائرة جبل لبنان التي تضم هذا القضاء وقضاء جبيل. ولنا ملاحظات:

1- البعض القليل من «منتحلي صفة» الإنتماء الى ما يعرف بــ»المجتمع المدني» ربما كان ينطق عن جهل وضيق أفق. إذ إنه يجهل أنَّ الترشح المنفرد غير مقبول بموجب قانون الانتخاب الحالي، وبالتالي لا مناص من الترشح ضمن لوائح.

2- هل إن الحمية «المدنية» هي التي سيّرت هذه الحملة الحاشدة ضدّ الرجل الذي دخل عالم السياسة من باب النظافة والادمية والمعرفة ولا يزال فيها آدمياً نظيفاً  مثقفاً، ودخل عالم السلطة (وزيراً للداخلية والبلديات)  ليغادره شفافاً لا يمكن رشق مسيرته ولو بوردة.

3-  اذا كان لــ «المجتمع المدني» حيثية ودور فلأنّ قلّة من المستنيرين، يتقدمهم  زياد بارود،  هم الذين أعطوا هذا التعبير معناه الحقيقي، وهم الذين رسّخوه كتعبير ثم كمعنى وأبعاد، في أذهان الناس.

4-  لقد خبر اللبنانيون هذا الرجل في  الحكم فإذا به عنوان ناصعٌ لما يأملون أن يكون: لا يجامل في الحق،  ولا يتردد في المسؤولية، ولا يراوغ في الإعلان عن رأيه، ويتصلّب في الموقف من دون «بروباغندا»!

ولسنا هنا في مجال الدفاع عن الرجل، إذ لديه من القدرة والنباهة وصوابية  الموقف ما يمكنّه من أن يدافع عن نفسه ببراعة… إلاّ أنها مجرّد شهادة في ما عرفنا عنه من خلال متابعة «مشواره» في وزارة الداخلية، وكتبنا رأينا في أدائه المميّز يومذاك بالرغم من أن البلد  كان في حال انقسام عمودي حاد وعميق بين فريقي 14 آذار و 8 آذار،  فعرف كيف يمشي بين النقط من دون أن يتخّلى عن مسؤولية أو يتلكأ في واجب تفرضه المسؤولية.

ولكن يستفزنا هذا «الفلتان» في التعرض للرجل الذي لا نشك لحظة في أنّه سيتأثر ليس لأهمية ما يتعرض إليه من تحامل مفضوح، إنما لأنّ بين المتحاملين بعضاً من المضلّل بهم، وهو الذي راهن ويراهن دائماً  على الشباب وحقهم في التعبير عن الذات… ولكنّ ما تناهى إلينا من «عيّنات» عن الحملات الجانية ليس تعبيراً إلاّ  عن ظلم وحقد وجهل وانسياق أعمى وراء شعارات سرعان ما يتبدى إنها فارغة من أي مضمون.

إن بعض الصبية المندفعين حماسة لا عقلانية  قد يكون  لهم «تبرير» في القصور والجهل، أمّا الاخرون فهم بالضرورة مدفوعون من عديدين (ربّـما في غير معسكر) في محاولة للإساءة ليس الى زياد بارود الشخص وحسب، إنما (أيضا) الى الحال الكبيرة التي يمثلها في وجدان اللبنانيين من الناقورة الى النهر الكبير ومن فقش الموج الى مرمى الثلج!