مشاورات التأليف متواصلة وكذلك التجاذب حول الحصص والحقائب الوزارية الوازنة
ليس في مصلحة أي طرف تجاوز إطار التسوية التي أدّت لانتخاب رئيس للجمهورية
برغم محاولات العرقلة فهناك حدود ووقت محدّد للمماطلة تجاوزها يؤدي لمضاعفات ونتائج سلبية..
لا تزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة تراوح في دائرة الخلافات القائمة بين بعض الأطراف السياسيين، مما يعيق إصدار التشكيلة الحكومية بالسرعة المتوخاة لتولي الحكومة العتيدة مهامها السلطوية ومباشرتها مقاربة الملفات والقضايا المتراكمة والملحّة التي تهم المواطنين ولا تحتمل مزيداً من التأخير والمماطلة في معالجتها نظراً لانعكاساتها وتداعياتها السلبية على الأوضاع العامة، لا سيما منها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية التي تهم كل اللبنانيين من دون استثناء.
ويلاحظ في هذا الخصوص أن الخلافات على عملية التشكيل ليست محصورة فقط في محاولات هذا الطرف أو ذاك الاستئثار بحصص وحقائب وزارية وازنة ومؤثرة في جذب الناخبين المفترضين وتلبية حاجاتهم على أبواب موسم الانتخابات النيابية الموعودة إذا حصلت على أساس قانون الستين أو غيره، وإنما تجاوزت ذلك لتدخل في خانة ردّات الفعل المبرمجة والتعطيل المتعمّد على مسألة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية خلافاً لإرادة بعض هذه الأطراف التي اضطرت للموافقة على هذه الانتخابات رغماً عنها، وها هي تسعى قدر المستطاع لاستغلال عملية التأليف لتصفية حساباتها قدر المستطاع، مما يعيق ولادة الحكومة الجديدة ويفرمل عملياً انطلاقة العهد الجدية بالوتيرة القوية المفترضة والموعودة.
ولكن بالرغم من كل محاولات العرقلة تحت شتى العناوين والمطالب المطروحة، إلا أن هناك حدوداً مرسومة ووقتاً محدداً لهذه المماطلة، وتجاوزها ستترتب عليه مضاعفات ونتائج سلبية، لا قدرة لأي طرف سياسي على تحملها مهما كان حجمه وتأثيره الجماهيري على الأرض.
ولذلك، ترى مصادر سياسية تواكب مجرى الاتصالات والمشاورات الجارية لتأليف الحكومة المرتقبة، ان عملية التأليف لم تدخل في إطار الأفق المسدود كما يحاول البعض تصويرها، وإنما تسير في وتيرة مقبولة نوعاً ما وهي تتطلب مشاورات متواصلة لتضييق شقة الخلافات بين الأطراف المعنيين وهذا يحتاج إلى الوقت اللازم، والعملية برمتها لا تزال ضمن الوقت الطبيعي والمعقول قياساً على الوقت الطويل الذي تطلبه تشكيل الحكومتين السابقتين وقارب في إحداها العشرة أشهر في حين ان المشاورات التي بدأها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة الجديدة لم تتجاوز الأسابيع الثلاثة فقط.
وترفض المصادر ما تردّد من معلومات عن ان القيّمين على تشكيل الحكومة العتيدة قد حددوا يوم عيد الاستقلال موعداً لولادة الحكومة المرتقبة لأن الكل يعرف انه لا يمكن تحديد موعد نهائي وحاسم لمثل هذه العملية المعقدة نوعاً ما في ظل التباينات والخلافات السياسية القائمة بالبلد، في حين ان كل ما صدر بهذا الخصوص كان من قبيل التوقعات والاستنتاجات السياسية والإعلامية باعتبار ان عامل السرعة مطلوب للحفاظ على قوة الدفع التي أدت إلى إنهاء الفراغ الرئاسي المتواصل منذ عامين ونصف العام وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن باب التحسب لمواجهة التحديات والمستجدات الإقليمية والدولية المتسارعة من خلال وجود حكومة جديدة قادرة على تحمل مسؤولياتها في هذه الظروف.
وتلاحظ المصادر ان المطالب والعقبات والعقد المطروحة في عملية تشكيل الحكومة المرتقبة لا تقارن بما واكب عملية انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي يمكن حلها إذا اقتربت بنوايا صادقة وبرغبة اكيدة في إنجاز عملية التشكيل بالسرعة المطلوبة، وفي النهاية لا يمكن تلبية كل ما يطرح من مطالب وشروط، الا المعقول منها وضمن التوازنات السياسية القائمة وإن تقدّم هذا الطرف على ذلك بحصوله على هذه الحقيبة الوزارية أو تلك.
وتؤكد المصادر ان حرص معظم الأطراف على الانضواء ضمن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي يسعى الرئيس المكلف لتشكيلها، يُشكّل حافزاً إيجابياً وعاملاً مؤثراً لتجاوز الخلافات والحساسيات التي تحكم علاقات الأطراف السياسيين بعضهم ببعض، لأنه في النهاية ليس في مصلحة أي طرف تعطيل أو تجاوز إطار التسوية التي ادت إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وهي حكماً ستؤدي إلى ولادة الحكومة الجديدة، ولو استلزم ذلك حركة مشاورات إضافية ووقتاً اطول مما كان يتوقعه البعض.