Site icon IMLebanon

لا للزعماء (العرب) الأقوياء

عشية زيارة الرئيس باراك أوباما للشرق الأوسط، يرسم ديبلوماسيون أميركيون خطاً بيانياً لاستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة. المقاربات التقليدية غير كافية وحدها لفهم “المبادىء الجديدة” والإبتعاد عن “الخيارات الخاطئة”. تمر طريق الإستقرار لا عبر زعماء أقوياء بل من خلال مؤسسات قوية ومجتمعات مدنية قوية تشكل حجر الأساس لحكم أكثر انفتاحاً.

يشكل الإنكفاء الأميركي واحدة من الأدوات التي استخدمها الرئيس أوباما لإرساء هذه الإستراتيجية. أعطى كثيرون تفسيرات لما يجري منذ أكثر من سبع سنوات: ضعف الولايات المتحدة عموماً وضعف أوباما خصوصاً. لم يضطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى شرح عودة روسيا لاعبة رئيسية في الشرق الأوسط. تفيد دروس التاريخ أن لا فراغ في الجغرافيا السياسية. انكفأت الولايات المتحدة. أتت روسيا. يعتقد ديبلوماسيون روس أن عقربي الساعة لا يمكن أن يعودا الى الوراء.

تعترف المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور بأن هذه الإستراتيجية تواجه تحديات، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل أيضاً في الولايات المتحدة ذاتها. تستعين بالمؤرخ الإنكليزي آي. جي. بي. تايلور الذي كتب عن المرحلة التي تلت الثورات الأوروبية عام 1848، أن “التاريخ بلغ نقطة تحّول لكنه أخفق في التحوّل”. يوازيه عربياً “الفشل التاريخي” أو أن “التاريخ يعيد نفسه”. على رغم مضي خمس سنوات على بداية “الربيع العربي”، لا يزال الإستبداد سيد أكثرية الحكومات العربية. تواجه بعض الدول، مثل سوريا وليبيا واليمن، دورات جهنمية من العنف. عثرت الجماعات الإرهابية مثل “الدولة الإسلامية” (داعش) وغيرها على أراض واسعة خصبة لممارسات حيوانية وحشية. لا تضاهيها إلا ما نشرته مجلة “النيويوركر” الأميركية أخيراً عن أساليب التعذيب المقززة التي تستخدمها أجهزة الأمن السورية الحكومية. الرئيس بشار الأسد نموذج للزعماء الأقوياء في المنطقة.

يأخذ الأميركيون على محمل الجد البالغ الإنتقادات التي توجه الى الرئيس باراك أوباما وإدارته. يربطون عدم التدخل عسكرياً في سوريا لوقف حمام الدماء هناك بعوامل عدة. إخفاق المجتمع الدولي في إصدار قرار من مجلس الأمن يجيز اتخاذ أي خطوة عملية ضد الأسد. تصدت موسكو بفاعلية ضد إطاحة “زعيم قوي” آخر. لم تكن تجربة ليبيا نموذجاً يمكن الإقتداء به. أدت إطاحة العقيد معمر القذافي الى فوضى عارمة في بلد كان يسوده الإستقرار… والإستبداد.

واجه الأميركيون الإنتقاد حين تدخلوا عسكرياً في ليبيا ولأنهم لم يتدخلوا في سوريا.

قادتهم سنوات التحولات الى الإستراتيجية الجديدة في السياسة الخارجية. لا يزال الجيش الأميركي الأداة الرئيسية. غير أن الديبلوماسية تضطلع بدور أكثر حيوية. يعتقد ديبلوماسيون أميركيون أن الزعماء الأقوياء لن يتمكنوا من إعادة مارد “الربيع العربي” الى قمقمه. الإستبداد عاطل لمصالح الولايات المتحدة.

الشرق الأوسطيون يحددون ما إذا كانت اللحظة الراهنة تمثل نقطة تحوّل تاريخي أم أنها لحظة فشل تاريخي.