IMLebanon

مش ضروري إبني يموت… إذا نجح إبنك بريفيه

مسيو كميل، أو بتفضّل عيّطلك كيم تماشياً مع برستيج مركزك الاجتماعي، لا أعرف إذا كان يجب مخاطبتك بالعامية أو الفصحى، ففي كلتا الحالتين لا أظنّ أنك بتعرف تفكّ الحرف، ولكن المهم إذا وجدت أحداً يقرأ لك المقال، يجب أن تعرف أنه إذا كنت ترسل أولادك إلى المدرسة ليتعلّموا أن يكونوا بشراً صالحين، فلا داعي أبداً لأن تبهرهم بجيناتك الحيوانية وتفرغ أمامهم كل مخازن الأسلحة المخبّأة في خزانة ثيابك لتعبّر عن فرحتك بنجاح الصبي في شهادة البريفيه… ليش، مش سامع بالفرقيع؟

وبعدين إتطمّن، شهادة البريفيه التي حصل عليها إبنك بعد إعادة الصف 3 مرات لا تخوّله قيادة طائرة شحن ولا الإشراف على رحلة أبولو 215، هي بالكاد تخوّله أن يجلس جنبك في المقعد الأمامي ويضع حزام الأمان، أو في أفضل الأحوال دخول صالة سينما لمشاهدة فيلم الساعة 3 من دون رعايتك الثمينة.

فكل هذا الابتهاج والرشقات النارية ورصاص فرحك الطايش يمكن أن يحرم أماً وأباً من طفلتهم التي ما زالت في دور الحضانة، ويمكن أن يفقد عائلة ثانية إبنها الوحيد الذي تفوّق بعلاماته على مجموع علامات سليلتك منذ اختراع شهادة البريفيه وحتى اليوم.

إنت كبيرك مسيو كميل صينية بقلاوة أو كرابيج من عند الرشيدي توزّعها على الجيران ومن بعدها بتتضَبضَب في منزلك وتنام باكراً، لأنه ما زال أمامك دفع أقساط مدرسية وجامعية لِما لا يقلّ عن 7 أو 8 سنوات… ورجاء لا تحوّل الفرحة في منزلك إلى مآتم في بيوت أخرى، وإذا كنت تريد خير البشرية، لِفلّو ساندويش مرتديلا وخيار لإبنك بشهادة البريفيه وانصحه بالسلوك الصالح وحَضّره نفسياً للمشوار الأصعب الذي ينتظره في المرحلة الثانوية والجامعية… إلّا إذا كنت تتخايله قَبّيب موتوسيكلات فقط.

وعلى كل الأحوال، وفي قراءة إجتماعية سريعة، يتّضح للمراقب أنّ اللبناني لا يرسل أولاده إلى المدرسة من أجل تعليمهم، بل يختار الأهل مدرسة معيّنة يرسلون أولادهم إليها حتى يتسنّى للمدام التبَجّح أمام صديقاتها بإسم مدرسة الأولاد وحجم القسط المهول والنشاطات المتنوّعة التي يحصلون عليها والدقة في اللدغة بحرف «الأغ» أثناء حصّة الليكتور والغرامير.

إذا كنتِ مدام مصرّة على تسجيل الأولاد في مدرسة «راهبات الرب نوري وخلاصي فمن أين أدفع»، ووضَعتي زوجكِ وعائلتكِ تحت كميّة غير معقولة من الديون من أجل أن يتوقف أوتوكار المدرسة الفلانية كلّ صباح أمام منزلكم، فتذكّري أنّ هناك عائلة غير مقتدرة في قرية صغيرة إسمها «بزيزا» (إيه إسما بيضَحّك) في قضاء الكورة سجّلوا ابنتهم يارا الزغبي في مدرسة القرية الرسمية وتمكّنت أن ترفع رأسهم أعلى بكثير من «الشينيون» تَبَع حضرتك بعد أن تفوّقت على جميع تلاميذ لبنان بمعدّل 19,21/20، أي أكثر بنحو 100 علامة من كلّ ما حصّله إبنكِ منذ النوفيام وحتى البريفيه.

أنا شبه متأكّد أنّ «نْيِاعء» أو «نياء» كانت أول ردّة فعل لك على إسم القرية وإسم الفتاة ولهجتها الشمالية الفولغير على التلفزيون، وأكيد لن تسمحي لها أبداً أن تمارس ركوب الخيل مع ابنتكِ… لكن تذكّري أنّ اسم مدرسة أولادك ورقم لوحة أوتوكارهم وماركة شنطتهم لن يضيفوا شيئاً إلّا إلى برستيجك الفارغ وسيبقى مستقبلهم معلّقاً بتلفون البَابي أو خدمات المامي حتى يتم توظيفهم… وإنتَ مسيو كيم، إقتصِد بالرصاص وإطلاق النار لعلّ الحياة تقتصِد بأرواح الأبرياء الذين يسقطون على مذبح جهلنا وتخلّفنا وذاك الخواء الفسيح داخل أدمغتنا.