زيارة الرئيس الفرنسي: «إبرام» وعود مالية للبنان.. لتثبيت اللاجئين
لا تُخفي جهات إقليمية ودولية حماستــها لاستمرار التئام طاولة الحوار الوطني في مجلس النواب، من زاوية محاولة مقاربة الأزمة السياسية المفــتوحة، خصوصاً قضية الرئاسة الأولى، ولكن يبقى الأهم «أن يحاول اللبنانيون إيجاد صياغات تحمي استقرارهم في هذه اللحظة الإقليمية المفصلية» على حد تعبير جهات ديبلوماسية معنية.
وبرغم قول الرئيس نبيه بري أكثر من مرة إن الفرصة اللبنانية للتسوية الرئاسية انتهت، إلا أن طاولة الحوار الوطني تعتبر بمثابة الفرصة الأخيرة للتفاوض اللبناني ـ اللبناني، «وإلا علينا أن ننتظر ما سيأتينا به الخارج من حلول لن يكون مضموناً تنفيذها داخلياً، وهذا الأمر يدركه الفاتيكان كما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند القادم الى لبنان في تشرين المقبل»، يقول مرجع سياسي لبناني على تواصل مع العواصم الغربية المعنية بالشأن اللبناني، وهو لا يتردّد في القول إن زيارة رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون الى لبنان، كما الزيارة المنتظرة لهولاند، «تندرج في خانة الاعتبارات الداخلية الأوروبية (قضية اللجوء) وليس لها أي اعتبار محلي لبناني».
ويسأل المرجع ممازحاً على الطريقة الجنبلاطية «الى اين»؟ ويسارع للإجابة «ليس إلى أي مكان». هذا التشاؤم يضعه في سياق إقليمي، فهو يعتبر أن تركيا بدأت بتدفيع الأوروبيين ثمن عدم إدخالها الى الاتحاد الاوروبي بعد ان كانت قد استكملت كل ما طلب منها لقبول عضويتها، الا ان ذلك لم يحصل لاعتبارات قيل إنها متصلة بمخاطر الديموغرافيا الدينية، وجاء اليوم الذي تردّ فيه تركيا على الأوروبيين بأسلوب خبيث وناعم، فعمدت الى فتح حدودها البرية والبحرية مع دول أوروبية عدة أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين لإغراق القارة الأوروبية بهم وتحويلهم الى ازمة كبيرة تحمل في طياتها بذور مخاطر متعددة يأتي في مقدمها احتمال تسرّب إرهابيين عبر اللاجئين الى الداخل الأوروبي، ناهيك عن الضغط الاقتصادي والمعيشي الذي سيشكله هؤلاء في دول تعاني من أزمات اقتصادية ومالية عميقة، فضلاً عن النقاش المفتوح حول قضية الأمن الاجتماعي».
يوضح المرجع «أن الأوروبيين في مواجهة الصدمة الآتية نحوهم عبر الحدود التركية، سارعوا إلى إطلاق حراك ديبلوماسي على ارفع المستويات باتجاه دول الجوار السوري التي تستوعب أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، فكان لبنان المحطة الأولى لهذه الهجمة الديبلوماسية المضادة عبر زيارة كاميرون والأردن هو المحطة الثانية».
أما مضمون الرسالة، يضيف المرجع نفسه، فكانت على الشكل الآتي: «لا بد أولاً من حماية الحكومة اللبنانية سياسياً، واذا كانت هناك مشكلة اقتصادية ومالية تترتب على قضية اللجوء فنحن مستعدون لتوفير الأموال اللازمة، لكن في المقابل، على الحكومة اللبنانية أن تسعى الى توطين اللاجئين السوريين في لبنان، وأن تشارك في قطع كل المسارب المؤدية الى هجرتهم صوب أوروبا عبر البحر، كما فعلت تركيا التي فتحت البر والبحر لإغراق أوروبا باللاجئين».
صحيح أن الزوار الغربيين يشددون على وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، «لكن موقفهم يفتقد فعلياً الى أي اساس عملي مبني على مبادرة او جهود مبذولة للتوصل الى انتخاب رئيس، وهذا الأمر ينطبق على زيارة الرئيس الفرنسي الذي استبق زيارته بضخ معطيات عن أنها ستكون نقطة تحوّل على المستوى الرئاسي، وهذا ايضاً غير صحيح، لأن الرسالة الأبرز ستتمحور حول الجهود المطلوبة لبنانياً لمنع تسرّب اللاجئين عبر لبنان باتجاه اوروبا، على أن تقابلها أوروبا بدعم مالي للبنان لتمكينه على مواجهة متطلبات اللاجئين».
ووفق شخصية لبنانية على تماس مع التحضيرات لزيارة هولاند، «لا مبادرة فرنسية أو غير فرنسية في الشأن الرئاسي، والمؤسف أن بعض الفرقاء في لبنان لا يملكون جرأة المبادرة واتخاذ القرارات التاريخية برغم الفرصة اللبنانية التي لم تنتف حتى الآن».
يعوّل المتابعون على زيارة الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني إلى باريس في تشرين الثاني المقبل، كونها ستقارب عدداً من الملفات أبرزها الملف النووي والعلاقات الثنائية والملفات الإقليمية وسيكون لبنان بطبيعة الحال جزءاً من جدول أعمال المباحثات الفرنسية ـ الايرانية.
يشير المتابعون أنفسهم الى أن لقاءات الرئيس الفرنسي مع قادة لبنانيين وعرب وأجانب على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة تطرّقت الى الملف الرئاسي اللبناني، بالإضافة الى سبل دعم لبنان في مواجهة تحدي اللجوء السوري، وسيقدّم كل من وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند ووزير خارجية فرنسا لوران فابيوس مطالعة في اجتماع مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان في نيويورك تتمحور حول أهمية مساعدة لبنان والأردن في معالجة قضية اللاجئين.
ووفق المتحمّسين لزيارة هولاند «ليس صحيحاً أن الرئيس الفرنسي سيركّز على ملف النازحين السوريين.. نعم هذا الملف أساسي، لكن البحث سيتطرق الى عدد من الملفات السياسية اللبنانية وفي طليعتها أزمة الفراغ في المؤسسات الدستورية ولا سيما رئاسة الجمهورية وبالتالي يمكن القول إننا أمام زيارة لبنانية بكل معنى الكلمة، برغم ما رافق الإعلان عنها من تشويش إعلامي لبناني من جهة وبرودة سياسية لبنانية في التعامل معها من جهة ثانية، خصوصاً أن لا أحد يعوّل على إمكان أن تُحدث الزيارة خرقاً سواء في الملف الرئاسي أو في ملف النفايات؟».