تقليدياً، تتسم تصريحات النائب محمد رعد بالطابع الهجومي، خصوصاً في مجال مخاطبة الخصوم، على انه في توعّده الحساب بعدين… لأحمد الحريري، الأمين العام لحزب المستقبل، وتناوله وزير العدل أشرف ريفي رأس حربة الخط السيادي في مواجهة النظام الأمني المعروف وامتداداته، تخطى النبرة المعتادة من جانبه، الى حدّ التهديد المباشر، الذي أثار الانتباه العام، أكثر مما أثاره الكلام السياسي الآخر، في تصريحه لقناة الميادين.
هذا التطور في خطاب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، طرح أكثر من سؤال حول الدوافع، فبالنسبة الى أحمد الحريري، لم يخرج عن المسار السياسي المنطقي لتيار المستقبل، عندما أجاب على دعوة رعد تيار المستقبل لصحوة ضمير، بالقول ان هذه الدعوة مردودة، لأن تيار المستقبل لم يحمل السلاح بوجه شركائه في الوطن، وهو غير متّهم باغتيال أي زعيم أو نائب، ولم يلطّخ يده بدماء السوريين… وهذا كلام يسمعه اللبنانيون كل يوم من فرقاء ١٤ آذار ومن كل من يشعر بعبء تورّط حزب الله في الحرب السورية.
أما بالنسبة الى الوزير ريفي، فقد يكون أكثر صراحة بتناوله اداء حزب الله في الداخل والمحيط، بل أكثر مرارة في توصيفه للأوضاع اللبنانية، والعربية، نتيجة استراتيجية التوسّع الايراني على الجغرافيا العربية، ناسباً في آخر تصريح له الى صحيفة الأنباء الكويتية، لمستشار المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، الدكتور علي أكبر ولايتي، نسيانه التاريخ والديمغرافيا، وبأن لا بغداد ولا دمشق ولا صنعاء، ولا بالطبع بيروت، يمكن أن تكون صفوية… لكن مع هذا فان الوزير ريفي لا ينسى أبداً دعوة حزب الله دائماً، للعودة الى لبنانيته، الى حيث موقعه الطبيعي من وجهة نظر لبنانية واسعة.
قد يكون تيار المستقبل وعلى رأسه سعد الحريري رسم خطاً أحمر حول بلدة عرسال، في وجه الدعوات التي تلاحقت من جانب فريق الثامن من آذار، ومنذ معركة القلمون الأخيرة، لاقتحام هذه البلدة، تحت عنوان مهاجمة الارهاب التكفيري المتغلغل فيها… حتى بلغ الأمر بوزراء حزب الله حدّ دعوة مجلس الوزراء، الى تكليف الجيش بهذه المهمة، وإلاّ فان الحزب مستعد لها… لكن الرئيس تمام سلام انتفض بوجه هذا الاقتراح، رغم دعمه من وزراء تكتل التغيير والاصلاح، الذين ردّوا الرجل لوقوف وزراء الحزب الى جانبهم في موضوع التعيينات العسكرية والأمنية.
بيد أن الأوساط الدبلوماسية في بيروت، تستبعد أي تحرّك من جانب حزب الله باتجاه عرسال، تبعاً لالتزام القوى الاقليمية بالاستقرار القائم في لبنان.
وفي تقدير هذه الأوساط ان الانتصارات النسبية التي حققها حزب الله والجيش السوري في القلمون، ما كانت ممكنة لولا انشغال المعارضة السورية الأساسية، في الشمال والجنوب، وبالتالي تركها جرود القلمون، الى ما بعد اخراج النظام من المحافظات الشمالية والجنوبية تماماً، والدليل ما حققته داعش في مدينة تدمر، بينما النظام وحلفاؤه منشغلون بالجبال القلمونية الجرداء…
مصادر ١٤ آذار تحدثت عن امكانية مراجعة القضاء بخصوص ما اعتبرته تهديداً مباشراً من النائب رعد لأحمد الحريري. استباقاً لتكرار ما حصل في ظروف مشابهة، في حين رفضت أوساط الوزير أشرف ريفي ان تعير تصريحات رعد أي اهتمام، كونها وليدة احتقان لا يدرك كنهه، إلاّ من يعاني منه… مع التقدير بأن زيارة علي أكبر ولايتي الأخيرة الى بيروت، قد لا تكون أرضت الكثيرين…
هذه الأوساط، ربطت حملة وزراء العماد عون على الحكومة بمطالب معيّنة، تتوقف الحملة فور الاستجابة اليها، وهذا ما يبدو انه كان في صلب زيارة الوزير نهاد المشنوق الى الرابية أمس، والتي تناولت التعيينات الأمنية والعسكرية، كما قال المشنوق من دون الدخول في التفاصيل.
أما بالنسبة الى الوضع في عرسال وضغوط حزب الله التجييشية للجيش، فقد وضع قائد الجيش العماد قهوجي كتلة المستقبل التي زارته في اليرزة، بصورة موقف الجيش والسلطة السياسية، وخلاصته ان الجيش جاهز عديداً وعتاداً للدفاع عن الحدود الشرقية وعن السيادة اللبنانية وعن عرسال وأهلها، كما عن أي منطقة لبنانية أخرى…
وفي تقدير القيادة ان المسلحين السوريين لن يجرؤوا على اقتحام عرسال أو جرودها أو مواقع الجيش فيها، لأن الجيش سيكون لهم بالمرصاد، فضلاً عن ان الحرص الخارجي على استمرار الاستقرار في لبنان، ما زال قائما وأكثر من أي وقت، وبالتالي فان على المتخوفين من امتداد حريق القلمون الى عرسال ألاّ يوصّوا حريصاً…