يحظى اليوم العالمي للمرأة هذه السنة بأهمية خاصة. يراد من ٢٠١٥ أن تكون محطة رئيسية لمراجعة عملية إعادة الإعتبار الى حقوق النساء وتمكينهن من الحصول عليها، طبق التوصيات التي توافقت عليها دول العالم في مؤتمر بيجينغ قبل عقدين. للوهلة الأولى، يمكن القول إن المرأة العربية في أسوأ الأحوال. بم يمكن وصف وضعها الآن؟
تمكنت دول عدة من إحراز تقدم كبير في حصول النساء على حقوقهن. انتزعنها أحياناً كثيرة. لم يحصل الأمر بفضل الرجال ومكارمهم في كل الأحيان. غير أن هذا التحسن في عملية المساواة بين الجنسين غير كاف على الإطلاق. بقي دون التطلعات على المستوى العالمي. لا يتعلق الأمر بنزاع على الحقوق بين الرجال والنساء، كما قد يتهيأ للبعض. حقوق المرأة مكسب إنساني. لم يكن انتقاصاً من “رجولة” الرجال الدور الذي اضطلعت به النساء في عصور الأنوار عبر العالم. كانت لها إشراقات في الوقت القصير من عمر النهضة العربية.
ليس اليوم العالمي للمرأة مناسبة احتفالية. بل يجب ألا يكون كذلك هذه السنة بالتحديد. تبعث على الخوف والإشمئزاز عناوين الأخبار ومشاهد الأفلام عبر وسائط التواصل الإجتماعي. تطغى المآسي على حقيقة كون الساعيات الى التعليم بتن أكثر عدداً في المدارس. يحصلن كفايات استثنائية. يترفعن في المناصب. يقفن في وجه القهر. يرفعن أصواتهن ضد الإستعباد.
لم يف زعماء العالم بكل الوعود التي قطعوها على أنفسهم عام ١٩٩٥ في بيجينغ. ليس كافياً أن يرتفع عدد رئيسات الدول والحكومات من ١٢ في ١٩٩٠ ليصل الى ١٩ في ٢٠١٥. ليس عادلاً أن يحظى الرجال بثمانية من كل عشرة مقاعد في المجالس النيابية عبر العالم. تسعى الدول الأكثر نمواً الى تزخيم الجهود نحو مزيد من العدالة الإجتماعية. تتنافس بريطانيا والولايات المتحدة وأوستراليا وكندا والهند في هذا السباق.
تقاسي المرأة العربية أكثر من سواها عالمياً. على رغم وجود ومضات مثل الشيخة موزة بنت ناصر المسند في قطر ولبنى القاسمي في الإمارات العربية وتوكل كرمان في اليمن وحنان عشراوي في فلسطين وغيرهن عبر الدول الأخرى، لا يمكن أحداً أن يصيب العالم العربي بعين الحسد. إذا كانت حال العراق لا تزال تاعسة على رغم حصول النساء على كوتا ثابتة في مجلس النواب عقب الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣، فهو قبل ذلك كان يزهو كما سوريا بثورة الثامن من آذار للبعث في انقلاب عام ١٩٦٣. ليست في بقية الدول العربية متعة للناظرين في أوضاع المرأة. الصور قاتمة من مصر وليبيا الى الصومال والبحرين، ومن السعودية وعمان الى الجزائر والمغرب. لبنان لم يعد استثناء. العرب تسربلهم الرجولة، وأسلس العنان لنظريات المؤامرة. فشلوا.
بم تضيرهم المرأة؟ في غياب رجال الدولة، لماذا لا ينتخب لبنان رئيسة للجمهورية؟