IMLebanon

ليس بـ«الحرب» وحدها.. يكافح «الارهاب – التكفيري»؟!

قد لا يكفي أن تعلن دول العالم وحكوماتها، التضامن مع فرنسا التي تعرضت ليل الجمعة الماضي الى أخطر وأمرّ ما يمكن ان يتصوره عقل بشري.. فما سمي على ألسنة الـ«داعشيين» بـ«غزوة باريس»، (وذهب ضحيتها 129 قتيلاً وحوالى الـ352 جريحاً، من بينهم فرنسيون، وبريطانيون وتونسيون وبلجيك وبرتغاليون، وجنسيات أخرى) هي «الأكثر خطورة» بين كل ما تعرضت له عواصم ودول الكرة الارضية على أيدي مجموعات إرهابية – تكفيرية، نسبت نفسها، بل قدمت نفسها الى العالم، على أنها «تنظيمات إسلامية» والاسلام منها براء.. خصوصاً ان الاسلام، لم يتعرض في تاريخه، الى أسوأ ما تعرض ويتعرض له على أيدي والسنة هذه المجموعات، فكراً واداءً وممارسات؟!

صحيح ان ما نشهده اليوم، ليس وليد الساعة، ولم يكن ابن اللحظة، وليس وليد تزوير او انحراف في فهم العقيدة، فحسب.. خصوصاً وان هذه «الجماعات» نشأت ونمت وتطورت وتعززت بالمال والسلاح والعتاد والعناصر البشرية، بفعل «ارادة دولية قادرة، وتمتلك كل مقومات الدعم والقوة والحماية، الى ان «حقت المحقوقية»؟!

يؤكد كثيرون، أن «العالم المتحضر» إرتكب جريمة فظيعة لا تغتفر، يوم ترك هذه «المجموعات الارهابية – التكفيرية» ان تضع يدها، وتسيطر بالكامل على أجزاء واسعة من «افغانستان» الى «العراق» فسوريا لاحقاً.. والجميع يذكر، كيف تركت «دولة البغدادي» تسيطر عى حقول النفط والمصارف والعراق، ولم تتحرك الدول صاحبة القرار والقدرة والنفوذ، وتركت «دولة البغدادي» تقوم «بدورها المرسوم» عابرة لحدود الدول والقارات.. تماماً في العديد من الأجزاء السورية..

ليس من شك في أن بعض الظروف الداخلية ساهمت في ولادة هذه «الجماعات» لكنها غير كافية، فحسابات «الدول العظمى»، تحت ما يسمى بـ«لعبة الأمم» كانت، وماتزال، صاحبة اليد الطولى في انتاج وانضاج هذه «المجموعات الارهابية – التكفيرية» التي بلغت حداً بات من الصعب، بل من المستحيل، ترك أمر مواجهتها لدولة او مجموعة دول دون سائر دول العالم، ومن دون العودة الى الأساس في الحاجة الى انصاف الشعوب واعطائها حقوقها الطبيعية والى حركة «اصلاح» حقيقي في الثقافة الدينية.. لاسيما وأن الحروب الدينية، او تلك التي قامت على الدين وخلفيات دينية، هي من أسوأ الحروب التي شهدتها البشرية جمعاء..» يستوي في ذلك «الحروب الصليبية» مع «حرب المئة عام» في أوروبا على خلفيات دينية، الى ما تسعى اليه جهات باتت معروفة الانتماء والاسم والهوية، الى بث بذور الفتنة المذهبية بين «السنة» و«الشيعة» في العالمية العربي والاسلامي، ولم يعد لبنان بمنأى عنها، على غرار ما حصل أواخر الاسبوع الماضي في برج البراجنة، وجرى تطويقه بفعل ارادة الوعي والحكمة لدى عديدين، من أصحاب النفوذ.. خصوصاً الرئيس نبيه بري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ورئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري.. الذي سارع الى التقاط دعوة نصرالله، الى ابرام سلة حلول «تسوية – سياسية» وطنية شاملة لا تخرج عن آليات الطائف الدستورية..

لا يكفي ان تعلن دول العالم، وحكوماتها التضامن مع فرنسا وشعبها، الذي تعرض لمجموعة من الاعتداءات على مدى السنة الحالية.. ولا يكفي ان يعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «حرباً بلا رحمة» على المجموعات الارهابية.. فالكلام وحده لا يكفي، ولا بد من اجراءات جذرية، وعلى المستوى الدولي، تشكل «اللبنة الأساس» في مواجهة هذه «الموجة من الارهاب والتكفير» ونزع أقصى ما يمكن من فتائل تعريض الأمن والاستقرار الدولي الى ما هو أكثر خطورة من عمليات ارهابية.. تبقى فردية.. وقد تكون اللحظة مؤاتية، ان يحصل ما حصل في باريس، عشية انعقاد «قمة مجموعة العشرين» في انطاليا – تركيا التي شارك فيها الرئيسان الاميركي والروسي، باراك أوباما وفلاديمير بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وآخرون وعشية اجتماع فيينا لحل الأزمة السورية الذي انتهى بمسودة «خريطة طريق» للحل السوري.. ومرحلة انتقالية لسنتين تنتهي بانتخابات، مع بقاء الخلاف الاميركي – الروسي حول دور الرئيس بشار الاسد.. في وقت تسقط القضية الفلسطينية، وحق شعب فلسطين في العودة الى أرضه واستعادة كامل حقوقه عن جداول أعمال اللقاءات والمؤتمرات والقمم وتبقى «إسرائيل» طليقة اليدين وهي أول من زرع الارهاب «في المنطقة والعالم وعممته بأسماء وأسماء».

المسألة لم تعد «مزحة»، او مجرد تهديد على الهواء.. وقد دلت المعطيات المتوافرة، والمتداولة أن ما من دولة باتت محصنة كفاية ضد هذه «المجموعات الارهابية – التكفيرية»، الأمر الذي يطرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات حول «وماذا بعد»؟! خصوصاً وان «الارهاب» الذي يضرب بقوة في العديد من الدول، يحتم على قادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، كما في «قمة العشرين» التحرك بجدية وايلاء هذه القضية ما تستحقه من اهتمام.. وعدم ترك «مشاريع الحلول» الى مزاجية بعض القادة» المسكونين بروح العظمة التاريخية» ويتطلعون الى السيطرة على بلدان المشرق العربي، بأي وسيلة من الوسائل؟! من دون نسيان، او اهمال الحاجة الى اعادة نظر جذرية في «الثقافة المعتمدة» لدى البعض، للتعريف بالاسلام – المحمدي وقواعده، وركائزه وأهدافه الدنيوية.. خصوصاً أكثر ان ليس لهذه «الجماعات الارهابية – التكفيرية بيئات داخلية خصبة واسعة وعميقة..».