يقفل العونيون، وتحديداً حاملي البطاقات البرتقالية، آذانهم عن كل الضجيج السياسي الحاصل من حولهم، سواء أكان مقدراً له أن يطيح الحكومة أو أن يكبر حجر الأزمة على قاعدة «انفجري حتى تنفرجي».. ويركزون كل اهتمامهم على الداخل الحزبي.
ففي نهاية شهر تموز المقبل سيكونون على موعد جديد من الانتخابات الداخلية، وهذه المرة بغية اختيار مرشحي الحزب للانتخابات النيابية وفق سباق رباعي المحطات سينتهي بتركيب «اللوائح الذهبية» بحلتها النهائية.. وهذا ما فتح شهية الطامحين والساعين لوضع اللوحات الزرقاء على سياراتهم، للاستفسار عن «قطب» الآلية التي نص عليها التعميم الأخير، وفذلكاتها.
عملياً، لا تزال الصدمة على وجوه كل من تصفّح الآلية وحاول فهم شروطها، وبدأ المعنيون يجرون الحسابات على أساس النظام الذي نصت عليه الآلية أي one man one vote. يفهم من هذا المبدأ أنه يحق لكل مقترع أن ينتخب مرشحاً واحداً ضمن الدائرة التي يبدو أنها لا تزال القضاء. وبالتالي لا إمكانية لتركيب لوائح ولا مجال للتفاهمات المحلية، بل على كل مرشح أن يخوض معركته وحده وأن يعمل على رفع نسبة المؤيدين له ليحجز له موقعاً في الكوتا المحددة لكل قضاء، والمشروطة بنسبة 1.5، أي أن يكون لكل قضاء حصة من المرشحين الحزبيين تساوي 1.5 من عدد نوابه. على سبيل المثال، سيختار الحزبيون ثمانية مرشحين في كسروان ينتقلون الى المرحلة الثانية.
أما أولى الملاحظات التي سجلها المعنيون على هذه الآلية فهي:
ـ يجمع كثر على أنّ هذه الآلية ديموقراطية بامتياز، تعطي أصحاب الحيثية الفرصة لإثبات حضورهم ووجودهم على الأرض لأنهم سيتمكنون من تأمين نسبة تأييد لهم تعكسها صناديق الفرز. وبذلك تكون الآلية منصفة بحق هؤلاء.
ـ إنّ توقيت هذه الانتخابات، وهذه ليست مسؤولية أي فريق، لن يكون لمصلحة الجسم التنظيمي الخارج لتوّه من مستنقع الانتخابات البلدية التي أتت على صفوفه الداخلية، ما أدى الى تشظيها وانقسامها عمودياً بحدة، لتضيف على ما فعلته الانتخابات الحزبية الداخلية مزيداً من التشققات والحساسيات… ولهذا فإنّ الخوف من أن تكون الانتخابات المرتقبة سبباً إضافياً لمزيد من حالات الكباش الداخلي، خصوصاً أنّ النظام المقترح سيدفع باللاعبين الى التعامل بعضهم مع بعض على قاعدة «أنا ومن بعدي الطوفان».
يقول أحد المسؤولين إنّ الهيئات المناطقية المنتخبة حديثاً لم تكلف نفسها بعد القيام بأي جهدي حزبي منذ انتخابها، إلا الانتخابات! وها هي السنة الأولى من عمرها تشارف على نهايتها (الولاية سنتان)، ولم يتسن لأعضائها سوى الانغماس في حمى الاستحقاقات، منها الداخلي ومنها الخارجي، ولم تتمكن من القيام بأي نشاط.
ـ وفق الآلية يفترض أن تجري الانتخابات على أساس القضاء كدائرة انتخابية، ولكن ماذا لو تغيّر القانون الانتخابي، فاتسعت الدوائر أو قلّصت؟ ماذا لو نجح مرشح على مستوى قضائه لكنه عاجز عن فعل ذلك على مستوى أكبر اذا جرى تكبير الدائرة الانتخابية.. أو العكس؟
ـ ثمة من يعتقد أنّ إخضاع الحزبيين الى مشيئة صناديق الاقتراع، ومن ثم الى أحكام استطلاعات الرأي، على دفعتين، فيه تجنّ بحق المرشحين الحزبيين الذين يفترض بهم إثبات حضورهم الداخلي كي يرتقوا الى مرتبة مرشحي الحزب. وأكثر من ذلك، ثمة خشية من أن تكون هذه الآلية «المركبة» فيها من المطبات ما يكفي لتطيير المرشحين الحزبيين في نهايتها وفقاً لأحكام استطلاعات الرأي التي تثار حولها في كثير من الأحيان علامات التشكيك والاستفهام.
بهذا المعنى، يشير أحد المعنيين الى أن الخوف يتملك الكثير من الطامحين، من أن تكون هذه الآلية مجرد فولكلور بهيّ يراد منه إقناع الخارج بجمالية هذه الآلية وديموقراطية القيادة الحزبية، بينما الجميع يعرف أنّ القرار النهائي بوضع لوائح الترشيحات متروك لرئيس الحزب القادر بشحطة قلم تزحيط أي مرشح حزبي مهما علا «سكوره الانتخابي»، بحجة الحاجة الى مرشحين من خارج التيار نجحوا في فرض أنفسهم في استطلاعات الرأي.. فتذهب كل جهود الحزبيين سدى!