يمكن تسجيل الملاحظات الآتية، او المعلومات غير المؤكدة التي تناولتها وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية حول عملية استهداف قافلة مدرّعة اسرائيلية في مزارع شبعا بصواريخ من المقاومة الاسلامية، وما جرى بعدها من مناوشات بالمدفعية بين المقاومة واسرائيل، وتوتر وتهديدات متبادلة انتهت باعلان الطرفين ان لا نيّة لديهما لتحويل الردّ والمناوشات التي تبعته الى حرب مفتوحة.
الملاحظة الاولى ان اختيار حزب الله مزارع شبعا الواقعة خارج حدود القرار 1701، والتي تعتبرها الامم المتحدة انها ارض سورية، الى ان يثبت عكس ذلك رسمياً، كان اختياراً موفقاً لانه ابتعد عن الاماكن المأهولة في فلسطين المحتلة، وتحاشى «غضب» الامم المتحدة، خصوصاً انه سبق للحزب وزرع عبوة ناسفة لآلية اسرائيلية في شبعا، ردّاً على غارة اسرائيلية ضد اهداف داخل سوريا، ومرّ الردّ بسلام.
الملاحظة الثانية ان الحزب – على ما تقول المعلومات – ابلغ الامم المتحدة، انه لا ينوي التصعيد ولا يرغب به، وانه اكتفى بالردّ الذي نفّذه، وقد سارعت الامم المتحدة والدول الفاعلة في مجلس الامن الى اعلام اسرائيل بموقف الحزب وطلب اليها ضبط النفس والالتزام بالقرار 1701، خصوصاً وان رئيس حكومة لبنان تمام سلام صرّح بذلك بعد اتصالات جرت مع سفراء عدد من الدول الاجنبية.
الملاحظة الثالثة، لها علاقة بالقذائف الخمسين التي اطلقتها اسرائيل باتجاه محيط بعض القرى اللبنانية القريبة من الخط الازرق، ومسارعة الحزب الى الردّ عليها داخل شبعا في رسالة لاسرائيل بأن توسيع نطاق الاشتباك لن يكون من جهة واحدة.
الملاحظة الرابعة، تشير الى ان قواعد الاشتباك غير المكتوبة التي كانت قائمة منذ حرب 2006، اغلب الظن انها اصبحت لاغية، بعدما اعتبر حزب الله، بلسان امينه العام السيد حسن نصرالله، ان المقاومة الاسلامية في لبنان، التي هي جزء من محور الممانعة الذي يضمّ ايران وسوريا والعراق وحماس، معنية بأي اعتداء يقع على سوريا، ولن تتأخر في الردّ عليه، ما يعني ان قواعد الاشتباك المحصورة بشبعا سقطت عملياً، ولكن الحزب مع ذلك، ملتزم باستمرار الاستقرار، اذا التزمت به اسرائيل.
* * * *
على صعيد ردود فعل الداخل اللبناني، يمكن ايضاً، تسجيل بعض الملاحظات السريعة التي لا تزال تعكس الخلاف الكبير في وجهات النظر بين قوى 14 اذار، و8 آذار، حول رفض 14 اذار تفرّد حزب الله بما يسمّى قرار الحرب والسلم، وربط لبنان بما يجري في سوريا والمنطقة، وهذا الموقف ليس جديداً، لكنه تظهّر بقوة رغم اجواء الحوار القائمة، بسبب التخوّف والخشية من اندلاع حرب جديدة، على غرار حرب 2006 وربما اقسى، في ظروف بالغة الصعوبة، اقتصادياً وامنياً وعسكرياً يمرّ بها لبنان بسبب العدو الشرس الثاني الذي يهدد لبنان من الحدود الشرقية، وليس حبّاً باسرائيل وعمالة لها كما حاول البعض ان يصوّر موقف هؤلاء، وخصوصاً موقف الرئيس العماد ميشال سليمان الذي تم تناوله بكثير من الاسفاف، والتجنّي، وكذلك في تشويه كلام النائبة ستريدا جعجع، وتحويره تلفزيونيا من كلام متعاطف مع اهل الجنوب، الى كلام يسيىء اليهم، ناهيك عما طاول رموز 14 الاخرين من شتم واتهامات وهذا الامر المؤسف ان دلّ على شيء فعلى ضرورة قيام تواصل بين مختلف الافرقاء ولو بالواسطة، لعدم اغراق لبنان مجدداً باجواء من الحقد والدس والاتهام والتوتر، خصوص وان هناك شبه اقتناع بأن اسرائيل غير صادقة بموقفها من التهدئة، ولا يستبعد ان تفاجئ لبنان بعدوان واسع، وهو منهمك بصدّ اعتداءات التنظيمات الارهابية التكفيرية.