شرحت بالتفصيل بناء لطلب المسؤول الكبير السابق نفسه في “الإدارة” المهمة نفسها داخل الإدارة الأميركية، الذي كانت له أدوار أساسية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والعربي، فوصفت وضع المؤسسات الدستورية الثلاث وأظهرت تقاسم الطوائف والمذاهب والزعامات والأحزاب لها. ثم تحدثت عن المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية فقلت أنها لا تزال كما تعرِفها. وهي تعمل ما في وسعها. تدريبها ممتاز وهي الآن ربما أفضل من قبل خمس سنوات وفي مختلف المجالات. لكنها في النهاية مؤلّفة من لبنانيّين والشعب اللبناني معروفة أمراضه. وأشرت إلى أن السعودية تعاقِبه رغم معرفتها بعجزه عن التجاوب مع مطالبها. أما المخيّمات الفلسطينية في لبنان ففيها منظّمات إسلامية صغيرة متشددة جداً وهي تسيطر على أجزاء من مخيم عين الحلوة. ويجعل ذلك منه ملجأ للمتطرّفين الإسلاميين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين ولآخرين ولخلايا متطرفة نائمة تنتظر الأوامر للتحرّك. والاشتباكات التي تقع بينها وبين حركة “فتح” لا تبشِّر بالخير. أولاً لأنها ترهّلت ولم تعد قادرة على السيطرة على المخيمات. وثانياً لأن الحركة الفلسطينية الشابّة “حماس” لا تُمانع في إضعاف “فتح” وفي الحؤول دون الاستفراد بالمنظمات الاسلامية وإن متطرفة. فضلاً عن أن الفصائل لا تقبل دخول القوات الشرعية النظامية اللبنانية المخيمات لحسم الموضوع، علماً أنه صعب. وعلى هذا اتفاق قديم بين دولة لبنان والفلسطينيين منذ ما بعد انتهاء الحروب الأهلية وغير الأهلية فيه عام 1990 وعلى انكفائهم هم إلى داخل المخيّمات. وتابعت قائلاً: ربما يكون اللاجئون أو النازحون السوريون إلى لبنان وهم حوالي مليون و300 ألف وربما أكثر الشرارة التي يولّعها الإسلاميون المتشدّدون لتفجير الوضع في لبنان، وذلك باستغلال سنيّة غالبيتهم ومعرفتهم استخدام السلاح ومعارضتهم للنظام السوري وحليفيه “حزب الله” وإيران. لبنان قد يبقى دولة لكن لا أحد يعرف ماذا سيكون شكلها وصيغتها ونظامها وإذاكانت جغرافيتها ستبقى كما هي أو ستتغير.
“ماذا عن إسرائيل؟” سأل المسؤول الكبير السابق نفسه. أجبت: نتنياهو سعيد. فهو على علاقة جيدة وتنسيق قوي مع مصر والاردن الدولتين المتصالحتين مع إسرائيل بموجب معاهدتي سلام في السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضي. وسعيد أيضاً بعلاقاته الجديدة ولكن غير العلنية مع دول عربية أخرى ولا سيما في الخليج، التي ساهمت في نشوئها الحرب بالوكالة المندلعة بين السعودية وإيران الإسلامية ومع النظام السوري و”حزب الله”. وهو تبعاً لذلك لا يشعر بالحاجة إلى حل سياسي للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي المُزمِن.
علّق: “نتنياهو يعرف أن العلاقات التي أشرتَ إليها ليست حلاً للصراع المذكور، وأنها لن تُنسي حكام الحرمين الشريفيْن القدس المقدَّسة وقضية فلسطين”. ردّيت: معك حق. لكنني رغم ذلك لا أرى حلاً لهذه القضية. علّق: “لم يهتم أحد للفلسطينيين إلا بعد انتفاضتهم الثانية ولمرحلة قصيرة. بعد ذلك فُقِد الاهتمام بهم. الجميع مشغولون سواء في المنطقة أو في العالم”.
قلتُ: هناك اقتراح من شخصيات أميركية مهمّة، بعضها يهودي، يرى أن على السلطة الوطنية الفلسطينية أن تحلَّ نفسها، وتطلب المواطنة الاسرائيلية فتجبر اسرائيل إما على القبول الفعلي بحل الدولتين خوفاً من طغيان الديموغرافيا الفلسطينية بعد نحو 25 عاماً، وإما على التحوّل دولة تمييز عنصري مرفوضة من العالم كما كانت دولتا جنوب افريقيا وروديسيا. لكن الفلسطينيين غير متحمسين لذلك. ردّ: “لا حلّ للموضوع الفلسطيني. أخبرني عن السعودية وعن العلاقات داخل العائلة الحاكمة فيها. لقد قال لي مسؤول خليجي كبير جداً هو ولي العهد في دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد أن العلاقة بين وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان ووليّ العهد محمد بن نايف جيدة جداً”. قلتُ: الشيخ محمد بن زايد رجل ذكي وعاقل وحكيم. لذلك فإن لا مصلحة له في التحدُّث وخصوصاً أمامك، وإن صديقاً له، أو أمام من هم مثلك عن معلوماته السعودية أو رأيه الحقيقي في ما يجري داخل المملكة. ماذا قلتُ أيضاً عن هذا الموضوع؟