في غمرة المواعيد والمحطات والإستحقاقات التي يتابعها اللبنانيون، وتقضُّ مضاجعهم، من مواعيد الحوار إلى مواعيد جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يبدو أن هناك مواعيد حقيقية ولكن خارجية، يُفترض باللبنانيين أن يتابعوها، وهي تبدأ من مطلع الشهر المقبل وتنتهي أواخر الشهر الأول من السنة المقبلة.
لذا، أيها اللبنانيون، لا شيء في لبنان من اليوم وحتى 20 كانون الثاني، فليكفَّ المنظِّرون عن التنظير، والمتوقِّعون عن التوقع… أحبسوا الأنفاس، ولنرَ ماذا سيحدث.
***
إنه الإستحقاق الأكبر الذي ينتظره العالم لأن نتائجه ستنعكس بأي حالٍ من الأحوال على كل العالم قاطبة ولا سيما على لبنان والمنطقة:
في شهر أيلول المقبل تبدأ ملامح هوية الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية والذي سيخلف أو ستخلف الرئيس باراك أوباما.
لماذا في أيلول؟
لأن المناظرة الأولى بين المرشحين، الجمهوري والديمقراطي، تجري في أيلول، فيما المناظرة الثانية تجري في تشرين الأول.
بالتأكيد سيكون لهاتين المناظرتين، إذا حدثتا، التأثير الكبير على الناخب الأميركي الذي سيكون مستعداً ليوم الإنتخابات في الثامن من كانون الأول، في ذلك اليوم سيحبس العالم أنفاسه لبدء معرفة من سيقود الولايات المتحدة الأميركية للسنوات الأربع المقبلة والتي تبدأ في العشرين من كانون الثاني المقبل تاريخ بدء الولاية الرسمية، وتسلم المهام في البيت الأبيض للرئيس الخامس والأربعين لرئيس أكبر دولة في العالم.
***
إذاً، قبل العشرين من كانون الثاني من عام 2017، لا ينتظرنَّ أحدٌ أيَّ تطور نوعي في لبنان:
لا إنتخابات رئاسية في لبنان، لا حسم عسكرياً في سوريا، لا تغييرات نوعية في اليمن، لا تبدُّلات في العراق.
بعد العشرين من كانون الثاني، يكون الرئيس الأميركي الجديد قد ثبَّت قدميه في البيت الأبيض، فيبدأ الحديث الجدي عمَّ يمكن أن يجري في لبنان.
إذا فازت المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، فإن من فريق عملها سيكون بعض كبار الدبلوماسيين الذين يعرفون لبنان جيداً، وفي مقدِّم هؤلاء السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان الذي يمكن أن تختاره الرئيسة كلينتون وزيراً للخارجية.
حتى داخل فريق عمل المرشح الجمهوري دونالد ترامب، هناك كبار الموظفين الذين يعرفون لبنان جيداً لأنهم عملوا على الملفات التي تعنيه.
يبقى السؤال الكبير:
ماذا سيفعل المسؤولون والسياسيون في لبنان منذ اليوم وحتى العشرين من كانون الثاني المقبل؟
أربعة أشهر من الترقب والإنتظار سيكون على اللبنانيين أن يلتزموا بها، لمعرفتهم الأكيدة أنَّ المراوحة هي سيدة الموقف من اليوم وحتى ذلك التاريخ.
ولكن، إذا كان من غير المتاح إنجاز السياسات العليا، إذا صحَّ التعبير، فماذا عن سياسات متابعة أوضاع المواطن؟
هل معالجة معضلة الكهرباء تحتاج إلى معرفة من سيكون سيد أو سيدة البيض الأبيض؟
هل إنجاز ملف النفايات يحتاج إلى معرفة من سيكون من فريق عمل رئيس أو رئيسة الولايات المتحدة الأميركية؟
هل التخفيف من حدة ازدحام السير على أوتوسترادات لبنان تستدعي انتظار من سيشكلون الطاقم الدبلوماسي للرئيس الأميركي الجديد؟
***
أيها المسؤولون اللبنانيون، خفِّفوا من تبعياتكم.