IMLebanon

لا جديد في تهديدات إسرائيل، لكنها تلعب بالنار

لا جديد في تهديدات تل ابيب. لا تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ولا مناورة الجيش الإسرائيلي، غير المسبوقة قبل أيام، التي قيل إنها حاكت توغلات برية في سوريا ولبنان.

لا جديد في أن يستعد الجيش الإسرائيلي، باعتباره جيشاً مهنياً، لمواجهة كل السيناريوات: المعقولة والأقل معقولية، فالجيش المهني إما يقاتل، أو يستعد للقتال. كما لا جديد في مضمون تصريحات نتنياهو ووزير أمنه، موشيه يعلون، إلا ما يتعلق بالشكل والمكان الذي خرجت منه التصريحات، من على الحدود اللبنانية.

وإذا كان الإعلام العبري قد تناغم مع حملة التهديدات وأبرزَ ما جاء فيها، إلا أنه أضاء أيضاً على تساؤلات حول الأهداف منها. وبتعبير البعض (معاريف): ما الذي يدفع إلى ذلك، ولا يوجد أي شيء دراماتيكي يدل على تغيير ما ميداني، سواء من جهة إسرائيل أو في لبنان وسوريا؟

ويستدل من مجمل التعليقات الإسرائيلية حول المناورة، التي وصفت بـ»غير المسبوقة»، أنها جزء من الاستعدادات والتدريبات المعتادة ولا جديد فيها إلا ما يتعلق بتوظيفها إعلامياً، لمقاصد أخرى. وقد تكون بحسب المقال الرئيسي لصحيفة يديعوت أحرونوت أمس، رسالة إلى الأذن الأميركية من أن إسرائيل تعاني من تهديد فعلي، و»ها هو الخطر الإيراني الذي حذرنا منه يتجسد أمامنا، فيما الأميركيون لا يقومون بشيء».

هل تستأهل معركة إسرائيل الخاسرة في الكونغرس المخاطرة والمجازفة؟

صحيح أن المناورة حاكت تصعيداً مع حزب الله، يتضمن سيناريو مواجهة قصف مكثف بالصواريخ على الأراضي الإسرائيلية استدعت رداً برياً محدوداً لمعالجة مصدر إطلاق الصواريخ، وصحيح أن المناورة حاكت سيناريو آخر وهو توغل حزب الله واحتلاله إحدى المستوطنات، الأمر الذي استدعى إخلاء المستوطنات الحدودية، إلا أن ضابطاً رفيعاً أكد في المقابل للمراسلين أن إسرائيل وحزب الله، على حد سواء، غير معنيين في هذه المرحلة بمواجهة واسعة بينهما.

كذلك حاكت المناورة فرضية تسلل عناصر من داعش إلى الأراضي الإسرائيلية والتدرب على مواجهة هذا السيناريو، لكن مع تأكيد الضباط أن هذا التهديد افتراضي، إذ إن تنظيم داعش بعيد عن الحدود، وعلى مسافة تزيد على 70 كيلومتراً. كما أن سيناريو انقلاب «النصرة» ومثيلاتها على التزاماتهم المعقودة مع إسرائيل والعمل ضدها، هو أيضاً سيناريو افتراضي وموضوع للمستقبل البعيد، مع التأكيد أن الوضع الحالي مثالي، وهذه الجماعات لا تطلق طلقة واحدة باتجاه إسرائيل، منذ بدء الحرب في سوريا.

لكن ما الذي يدفع نتنياهو إلى حمل نفسه ووزير أمنه ورئيس أركانه إلى الحدود للتحذير من إيران؟ فيما يحذر يعلون من التهديد الإيراني في الجولان، مع العلم بأن هذه هي الحال أساساً منذ عامين على الأقل؟ لو كانت التصريحات أطلقت من تل أبيب، لكانت تكراراً لتصريحات سابقة باتت اجتراراً لمواقف رتيبة. فـ»الأكشن» الجديد يتمثل في الجولة الميدانية نفسها، ومكان إطلاق التصريحات.

إذاً، مجمل «الهمروجة» الإسرائيلية الأخيرة عبارة عن رسالة، ليست موجهة بالضرورة إلى الشرق البعيد (إيران)، أو الشمال القريب (سوريا وحزب الله)، بل بشكل أساسي إلى الغرب، وتحديداً إلى الولايات المتحدة ومجلسَي النواب والشيوخ، للتأكيد على أن كل التحذيرات الإسرائيلية من مساوئ الاتفاق النووي تحققت، أو هي في طور التحقق الفعلي. صحيح أنها تعبر عن يأس من إسقاط الاتفاق النووي، يدفع إسرائيل إلى استخدام هذه الوسيلة وهذا الأسلوب، إلا أنها أيضاً تحمل في طياتها مخاطر، قد تفضي إلى الأسوأ.

السؤال ما بعد المناورة والتصريحات من على الحدود: هل تكتفي إسرائيل بما قامت به إلى الآن، على أمل أن تصل الرسالة إلى مقصدها، أو تعمل على الدخول أكثر في المحذور، لإضفاء صدقية عملية عليها من خلال خرق قواعد الاشتباك القائمة حالياً؟ سؤال يحتاج إلى كثير من التأمل، لكنه يعني أن إسرائيل ستخاطر بتصعيد الوضع الأمني وربما إلى المواجهة الشاملة والحرب.

على ذلك، لا يمكن نفي الحرب بالمطلق. فقواعد الاشتباك الحالية بين إسرائيل والمقاومة دقيقة جداً وخطرة جداً، والعمل على إلغائها أو تعديلها، أو تجاوزها نتيجة خطأ في الحسابات والتقديرات، قد يؤدي إلى الأسوأ. وعلى إسرائيل أن تسأل نفسها السؤال الآتي: هل تستأهل معركة النووي في الكونغرس، المقدر إلى حد اليقين بأنها خاسرة مسبقاً، المخاطرة والمجازفة؟