IMLebanon

بين صندوق النقد والفوضى

 

 

لا يزال لبنان يدور في حلقة مفرغة لجهة إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويبدو واضحاً أنّ «حزب الله» بالتحديد لا يريد لهذا الاتفاق أن يرى النور وهو يأخذ معه في هذا الإتجاه بعض القوى على قاعدة أنّها تريد الإنقضاض على ما تبقى من مداخيل للدولة والسيطرة على أي مداخيل أخرى ومنها ما هو منتظر من عائدات النفط والغاز إذا تم أول اكتشاف تجاري في البلوك رقم 9.

 

هؤلاء لا يريدون لمسيرة الإصلاحات أن تحصل، فهم يرفضونها تحت عنوان أنّها تأتي بضغط خارجي وأنّهم انطلاقاً من مبدأ السيادة التي يدعونها يرفضون أن يسيروا في أي إملاءات من الخارج، ولكن رفضهم ينبع حقيقة من أنّ أي إصلاحات جدية ومراقبة من صندوق النقد ستمنع استباحة الموارد اللبنانية ولا سيما موارد النفط والغاز التي هي ملك لكل الشعب اللبناني وليست حكراً على مجموعة واحدة يدور في فلكها عدد من الطفيليين من هنا وهناك.

 

إن عدم تنفيذ هذه الإصلاحات وإبرام الاتفاق مع صندوق النقد سيحققان لهؤلاء أيضاً استمرار عزلة لبنان العربية والدولية، فأيّ انفتاح يستلزم إعادة النظر في السياسات الخارجية والحفاظ على الهدوء والاستقرار والالتزام بمتطلبات المجتمع الدولي من أجل أن يستعيد لبنان موقعه في خريطة المنطقة والعالم كدولة تساهم في التطور والاستثمارات الكبرى المنتظرة في المنطقة، وهذا ما سينفي عن لبنان دور الساحة ودور قاعدة انطلاق للعمل العسكري فهل حان الوقت لدى محور الممانعة للتخلي عن هذا الدور المرسوم للبنان؟

 

يُخطئ الذين ما زالوا يراهنون على هذا الدور فحتى ما يخططون له للاستفادة من موارد النفط والغاز لن يكون بمتناولهم لأن تلك الثروة لن تكون متوفرة للبيع في الأسواق العالمية حتى ولو كانت شركة توتال ستجهد من أجل أن تبيع حصتها إن توفرت ولكن السؤال من سيشتري هذا الإنتاج اللبناني وكيف سيستفيد اللبنانيون في لبنان من هذه الثروة؟ من سيتولى إنشاء البنى التحتية لإيصال الغاز إلى معامل الكهرباء أو منازل المواطنين؟ هل سيكون لدى أي شركات أجنبية الشجاعة للمشاركة في ظل عدم تطبيق الإصلاحات وعدم وجود اتفاق مع صندوق النقد؟ هل ستتقاسم قوى الممانعة في لبنان هذا السوق وتسيطر على إيراداته؟ هل سيكون الصندوق السيادي بمنأى عن النهب والفساد؟

 

لا شيء في الأفق يؤشر أنّ الأمور ستكون في الخانة الإيجابية، فمن اعتاد على استباحة لبنان في السابق والحاضر، لن يتوانى عن استمرار استباحته في المستقبل لا سيما وأنّ الحاجة للفوضى والسيطرة على الموارد أصبحتا الآن أكثر إلحاحاً في ظل عملية تقلص الدور السياسي الإقليمي لبعض قوى الأمر الواقع.