IMLebanon

الاتفاق النووي مؤجّل… فهل تُؤجّل الانتخابات النيابية؟!

 

منذ بدء العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا بدأ منسوب الأمل بتوقيع الاتفاق النّووي في «فيينا» يتضاءل، واختلط حابل المصالح الدولية بنابل الحسابات الاستراتيجية للقوى الواقعة على خطّ التأثر بعودة الجمهورية الاسلامية الايرانية إلى الساحة الدولية من بوابة الطاقة، مصدر قوة روسيا في مواجهة الغرب.

 

فقد ساور الجارة روسيا والحليف المفترض لإيران الكثير من القلق بسبب اندفاعة واشنطن وحماستها المعلنة لتوقيع الاتفاق النووي بأي ثمن، ومنشأ القلق الروسي تكتيكيّ واستراتيجيّ:

 

– تكتيكياً ترفض «موسكو» تعويض مصادر الطاقة الروسية من «إيران» الّتي تمتلك ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم بعد روسيا، ما يؤهلها إلى أن تحل محل روسيا في مد الاوروبيين بكميات من الغاز عبر خطوط أنابيب تمر عبر تركيا ودول البحر الأسود إلى رومانيا، أو عبر العراق وسوريا والبحر المتوسط، ومن هناك إلى أوروبا.

 

– استراتيجيًا: لا يناسب روسيا امتلاك ايران قنبلة نووية، وهي الدولة الكبيرة والغنية بالموارد والمؤثّرة بموقعها الجيواستراتيجي، وتقع على حدود روسيا وبالتالي فإنّ قوّة ايران النووية والصاروخية تطال المدن الروسية قبل غيرها، وتاريخ البلدين حافل بحروب طاحنة وخلافات ايديولوجية بنيوية.

 

وهناك قلق آخر معلن من دول الخليج العربي، حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، فلهذه الدول، المجاورة لايران، حسابات وقراءات مختلفة عن حسابات وقراءات الولايات المتحدة البعيدة عن التأثير الايراني المباشر، وتوقيع الاتفاق النووي بالشروط الايرانية يمنح طهران، حسب قراءة دول الخليج، مساحة اوسع للتحرك بحرّيّة في المنطقة العربية، ويعطيها فرصة التمدد وفرض نفسها كشريك مؤثر في كلّ من بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وهي دول كانت تحت التأثير العربي المباشر لعقود سلفت.

 

من هنا برز التباين بين كلّ من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة من جهة والولايات المتحدة الامريكية من جهة أخرى في مقاربة الحرب الاوكرانية، وهي المرة الاولى التي تصل فيه العلاقات الثنائية الى هذا الحد من التباين حدّ التنافر.

 

وكذلك الأمر بالنسبة للكيان الاسرائيلي الذي سارعت قيادته الى التحرك في اتجاهات عدة عندما أعلنت واشنطن عن احتمال قبولها برفع الحرس الثوري الايراني عن قوائم الارهاب، فانعقدت قمة شرم الشيخ الثلاثية وتلتها قمة العقبة السداسية لتشكل ورقة ضغط على صناع القرار في أميركا، ويبدو أنّها آتت ثمارها، فتراجعت الولايات المتحدة عن قرارها وعرضت على ايران رفع الحرس الثوري عن قوائم الارهاب باستثناء فيلق القدس، وهو ما رفضته الاخيرة.

 

ما يرشح من أروقة فيينا حاليًا يفيد بأنّ العودة الى الاتفاق النووي باتت معقدة، فإلى جانب شرط ايران برفع الحرس الثوري عن قوائم الارهاب هناك شرط آخر ترفضه واشنطن وهو الضمانات بعدم الخروج مجددا من الاتفاق.

 

ومع اقتراب موعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الامريكية وتقدم الحزب الجمهوري على حساب الحزب الديموقراطي الحاكم، هناك من يحكي عن تأجيل البت بالعودة إلى الاتفاق إلى ما بعد صدور نتائج الانتخابات الأمريكيّة.

 

أمّا في لبنان، فتستحوذ الانتخابات النيابية القادمة، بعد شهر من الآن، على اهتمامات اللبنانيين رغم غرقهم في مستنقع الازمات المعيشية والاقتصادية المتراكمة، وفي السياق جاءت عودة السفير السعودي وليد البخاري إلى لبنان لتشكل منعطفًا قد يقلب دفّة النتائج إذا قررت المملكة التدخل المباشر في عدد من الدوائر.

 

وجاء أيضا خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، المتزامن مع إفطار السفارة السعودية، ليضع علامات استفهام حول نيّة الخارج، ومنه المملكة العربية السعودية، بالعمل على تأجيل الانتخابات بسبب فشل القوى الحليفة لها في إدارة الملف الانتخابي ترشيحا ولوائحا وتحالفا.

 

كان الرهان كبيرا على تسوية إقليمية تعيد التوازن السياسي والاقتصادي إلى لبنان، تبدأ بتوقيع الاتفاق النووي في فيينا، ثمّ التفاهم على إدارة المنطقة وفق قواعد النفوذ والسيطرة الجديدة بعد سلسلة الحروب والصراعات الدامية.

 

فهل ترحّل التسوية إلى ما بعد الاتفاق؟ وأيّ مصير ينتظر اللبنانيين بعد الانتخابات النيابية ورفع الدعم الكلّي؟ وهل ستجري الانتخابات حقًّا؟!