IMLebanon

الاتفاق النووي في ميزان الانقسام اللبناني

متحمّسون ومتشائمون يُسقطون الأماني على الوقائع

الاتفاق النووي في ميزان الانقسام اللبناني

يسلّم اللبنانيون بأن ايران هي أحد مهندسي المنطقة وصانعي ألعابها. يكادون أن يستسلموا الى الشراكة الايرانية في السياسة اللبنانية الداخلية. يعلقون الأنظار والانتظار على تطورات المفاوضات الايرانية ـ الاميركية، لأنها برأيهم ستغيّر الكثير في شؤونهم، كما شؤون المنطقة.

تشغل إيران اللبنانيين. ومن مقلبَي انقسامهم، يحاولون قراءة واقعها وموقعها علّهم يتلمسون حلولاً لأزماتهم المعلقة. لا يمنع ذلك من إسقاط الأماني على الوقائع، أو حجب معطيات وإبراز أخرى.

في تحليلات حلفاء ايران، فإن الاتفاق الاميركي ـ الايراني اصبح على الابواب. لا بل يذهب بعضهم ليؤكد أن «إطاره العام بات منجزاً ولا بد من تمرير الانتخابات الاسرائيلية تجنباً لتهور نتنياهو وجنونه، قبل الإعلان عن الاتفاق النهائي». هؤلاء يعتبرون أن «الاتفاق الآتي سيكرس النفوذ الايراني في المنطقة، وتحديداً في لبنان وسوريا والعراق واليمن. فالولايات المتحدة انتقلت من حالة العداء والقطيعة مع ايران الى التقدم في المفاوضات. وتبدو اليوم في حاجة للوصول الى توافق يمكن أن تصرفه ادارة اوباما، وهو شخصياً، في الواقع الاميركي الداخلي، مما يعزّز من حظوظ الحزب الديموقراطي بالنجاح في الوصول مجدداً الى البيت الابيض».

يضيف أحد المتحمّسين للنجاحات الايرانية ودورها في لبنان والمنطقة ان «ايران ستتمكن من تشريع ملفها النووي وهي لا تطمح الى أكثر من ذلك. فلا هي ترغب اليوم في انتاج القنبلة النووية، وتعلم جيداً أن امتلاكها لن يغيّر الكثير في موازين القوى عملياً. لذا تعزز اليوم نفوذها في أماكن تأثيرها وتتمسك جيداً بأوراقها، وسيقر لها الاتفاق الآتي بشرعية استخدامها وحسن إدارتها». لا ينسى هؤلاء الإشارة الى «حلفاء إيران الأقوياء، سواء في لبنان او سوريا والعراق واليمن».

في مقابل هذه القراءة الداعمة لإيران ودورها في لبنان والمنطقة، يقرأ خصوم ايران في كتاب مختلف، لا بل مناقض. يعتبرون أن «انفلاش الدور الايراني جاء نتيجة تراجع العرب وترددهم وانسحابهم الى قضايا وخلافات صغيرة سمحت للتمدد الفارسي ان يصل الى شواطئ المتوسط». لا يشارك هؤلاء حلفاء إيران تفاؤلهم بتشريع نفوذها وتمددها في المنطقة. برأيهم ان «ايران تعاني مشاكل وصعوبات كثيرة وإن كانت تكابر في الإقرار بها. فتدني اسعار النفط ترك تداعيات كبيرة على اقتصادها كما على امنها الاجتماعي».

لا يقرّ هذا الفريق لإيران بمكاسب في المنطقة. ويتوقع «ان يقص الاتفاق الاميركي الايراني من جوانحها التي تبسطها فوق دول المنطقة». يدخلون في التفاصيل ليخلصوا إلى أن «الرمال العراقية المتحرّكة اضطرت إيران الى التخلي عن نوري المالكي والقبول بالشراكة مع الأكراد والسنة.. وحتى الأميركيين، منعاً لغرقها. أما في سوريا، فعلى الرغم من كل الجهود السياسية والاستخباراتية والعسكرية والمالية التي وضعتها، فهي لم تستطع أن تحقق أكثر من الحفاظ على هيكل النظام، من دون انتصارات فعلية. هذا من دون أن نشير إلى تدمير سوريا وانهيارها. ينسحب الأمر نفسه على لبنان. فعلى رغم قوة حزب الله العسكرية، ورغم نفوذه وسطوته، إلا أنه عاجز عن أخذ البلد إلى المحور الذي يريده، وحتى عن إيصال رئيس للجمهورية قريب من ذاك المحور».

يخلص خصوم إيران اللبنانيون الى الاشارة الى «عجزها عن تحقيق مكاسب فعلية»، فهي برأيهم «لم تنجح إلا في ايقاظ كل شياطين الفتنة السنية ـ الشيعية. وجعلت العالم العربي يعود الى صراعات قبلية حيناً وطائفية أحياناً لن يكون انعكاسها إلا سلبياً على إيران وحلفائها في المنطقة. كما أنها غذّت التطرف وأعطته مبررات وأعذاراً كفيلة باستنهاضه واستمراره».

لو يستمع شخص «أجنبي» الى خصوم ايران وحلفائها في لبنان وهم يتحدثون عنها، سيكون من الصعب عليه أن يصدق أنهم يتحدثون عن «بلد» آخر. الارجح سيعتبر ايران طائفة او حزباً لبنانياً من بين الطوائف والأحزاب الكثيرة.. ربما هي كذلك بحسب القراءات السياسية «البلدية» في مقلبَي انقسامهم.