للمصادفة انه وبعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، أعلن عن سلسلة انتصارات للمملكة العربية السعودية وقوات التحالف في اليمن، فخرج بعض المحللين الى اعتبار ما جرى من أولى بوادر الاتفاق، وهو أمر بدا مثار سخرية مقربين من الدائرة السياسية السعودية، على اعتبار أن ايران لم تساهم في هذه الانتصارات، بل هي تعمل لمزيد من التعقيدات في المنطقة بشكل عام، ولعل أبرز معبّر عن هذه القراءة، هو مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي الذي أكد استمرار دعمه للدول وللمنظمات التي كان يدعمها والتي تؤدي الى زعزعة الأمن والاستقرار في المحيط العربي والاسلامي.
وتشير المعلومات الى أن الاتفاق النووي لا يعدو كونه اتفاقا اقتصاديا ممزوجا بمصلحة نووية لصالح الغرب والعدو الصهيوني، بمعنى انه سيُغرق طهران بالدولارات الاميركية من جهة، وسوف يريح أميركا وأوروبا أمنيا ويفيد شركاتهما النفطية والتجارية من جهة أخرى.
وتلفت مصادر متابعة الى أن الولايات المتحدة أيضا، لن تتخلى عن سياستها السابقة التي اعتمدها رئيسها باراك أوباما في العالمين العربي والاسلامي، أي سياسة الحفاظ على «ستاتيكو» قتالي بين متصارعين متكافئين الى حد ما، وهو مرة جديدة يعمل على التوازن السني – الشيعي في المنطقة، فيوقّع مع ايران ويطمئن السعودية، وهنا لا بد من التذكير أن أوباما استهل اتصالاته المطمئنة، باتصال بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولم يكتف بالأمر، بل أوفد له وزير دفاعه آشتون كارتر الذي عرض على المملكة خدماته العسكرية والتدريبية ودعاه الى زيارة واشنطن في الخريف المقبل.
وانطلاقا مما تقدم، فحري القول، انه لا يجوز الافراط بالتفاؤل بأن الاتفاق النووي سيدفع ايران الى التخلي عن بشار الأسد و«حزب الله» والحوثيين والميليشيات الشيعية العراقية المدعومة منها، وبالتالي لن يؤثر حاليا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، بل أقصى ما يمكن فعله لبنانيا، هو الابقاء على حالة المراوحة القائمة والحفاظ على الحكومة وعلى الحوارات المهدئة لروع الشارع.
هذه التهدئة، تساهم بها أيضا السعودية مساهمة فعالة، فهي لن تسمح لإيران بخربطة الوضع في لبنان، اذ أنها تعمل ما بوسعها للابقاء على الوضع الحالي ان لم يكن تحسين الوضع ممكنا، وهذا ما عكسته خلال لقاء خادم الحرمين الشريفين برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي عاد الى لبنان وأوفد ممثله ملحم رياشي الى النائب ميشال عون للتأكيد له أن اعلان النيات لا يزال قائما بعد زيارة السعودية، وأن المملكة تشجع هذا الاعلان للتخفيف من التشنج، على الرغم من أن التقارب العوني – القواتي لا يبدو أنه سيولد رئيسا في المدى المنظور.