IMLebanon

الملف النووي.. «لبنان جائزة طردية»

في تعليق أولي على الإتفاق النووي بين إيران ودول مجموعة الخمسة زائد واحد، تخوفت مصادر سياسية مطلعة من أن تتأخر مفاعيل هذا الإتفاق الذي وصفته بالنوعي والتاريخي، بما يثمر المزيد من الستاتيكو على المستوى الحكومي والنيابي.

وقالت المصادر إن هذا الإتفاق الديبلوماسي، مع أهميته، لا يزال بحاجة إلى «المراسيم التطبيقية» باللغة السياسية اللبنانية، فالإتفاق تم على المبدأ، وهذا المبدأ هو أن الجمهورية الإسلامية في إيران تحولت من عدو أيديولوجي للولايات المتحدة والغرب، إلى شريك أساسي في تحليل العقد الكثيرة التي تعصف بالملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتوقفت المصادر عند التغريدة «بالفارسية» التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي على صفحته الجديدة على موقع تويتر، مشيرة إلى أن محاولات نتنياهو «اليائسة» لم تستطع أن توقف جريان المفاوضات التي وصلت إلى خواتيمها السعيدة أخيرا. إلا أن مصادر أخرى أشارت إلى تيقنها أن إسرائيل لا تمانع في الحقيقة التوصل إلى الإتفاق، مرجحة أن تكون قد تلقت ضمانات من الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بأمنها بعد توقيع الإتفاق النووي.

وأضافت المصادر إلى اعتقادها أنه لو كان الإتفاق النووي الإيراني ليس في مصلحة إسرائيل، لحركت اللوبي الصهيوني في الإدارة الأميركية، ولتمكنت من توقيف المفاوضات حتى قبل أن تبدأ، إلا أن كل المعطيات تشير إلى أن إتفاقا «ظاهره نووي وباطنه استراتيجي سياسي» هو أكثر من حاجة للإدارة الأميركية، مع تعثر محاولات حسم النزاعات في المنطقة بدون الدور الفاعل والوازن لإيران وحلفائها، ومع بلوغ حجم المشاكل على رأس الرئيس الأميركي «حد التخزين الأقصى»، وعجز السلطان التركي عن الإيفاء بإلتزاماته بتأثير مضاعفات الضغوط السياسية لساحات تقسيم وغيرها من المطبات التي تعثر بها في مسيرته السياسية، والتي وصلت إلى حد إصابته بالسرطان السياسي، إلى جانب نظيره البيولوجي.

أميركا تحالف القوي، هذه سياسة الإدارة الأميركية المتعاقبة، لا صوت يعلو على صوت مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، ومن حقها الطبيعي أن تبحث عن حلفاء أقوياء، تقول المصادر، على الأرض، أثبتت القوى المتحالفة مع إيران والمدعومة منها تمويليا وتسليحيا، قدرات قتالية عالية، إلى جانب القدرات السياسية، تأمر إيران فيؤتمر بأمرها، في حين فشلت الدول الأخرى في التأثير على مواقف الاطراف التي تدعمها في ساحة المعركة، ولم تنجح في تمرير الأهداف المطلوب منها فعلها.

كيف سيتأثر لبنان وأزمات المنطقة بالإتفاق النووي، «من المبكر الحديث عن المفاعيل»، تجمع المصادر، يتوقف ذلك على ترتيب لبنان بين الأولويات، برأيها، الأزمة اليمنية تسبق نظيرتها اللبنانية، «يريدون إستمرار تسلي اللبنانيين ببعضهم البعض، طالما الحرب فيه باردة، وتتعلق بمشكل صغير من هنا، أو خطاب عنيف من هناك، في حين أن الدور الأساسي الذي يلعبه حزب الله في سوريا وعلى الحدود أهم وأبرز في المعادلات الإقليمية من «نائب بالزائد أو بالناقص»، فقدرة حزب الله العسكرية الهائلة أكثر من ضرورية لحسم النزاع ضد داعش، وبالتالي الذهاب إلى مشروع الحل السلمي، الذي يعلم القريب والنائي أن لا بديل عنه في الصراع السوري.

بالمقابل، تقول مصادر إن الملف اللبناني سيكون «جائزة الترضية التي لا يريدها الجميع» بعد أن أصبح تسلم الملف اللبناني «المعقد والمزعج» عبئا كبيرا لا ترفا جميلا، فالأزمة اللبنانية حسب الكثير من الديبلوماسيين «إبريق زيت»، وأفعوان ليرنا، لا تقطع له رأس إلا وينبت له عدد من الرؤوس.

بأي حال، تضيف، الديبلوماسية الإيرانية القائمة على الدم البارد، بالتالي، إيران غير مستعجلة لحصاد ثمن صمودها السياسي في المفاوضات التي خاضتها بعقلية حائك السجاد، بالتالي، ومع بزوغ الفجر الجديد الذي تتحول به من العدو إلى الشريك، هي أيضا بحاجة إلى تهيئة المناخ السياسي في الداخل الإيراني، إلى جانب الإستعداد للمعارك الجانبية التي سيخوضها مشروع الإتفاق، من الأمم المتحدة، إلى مطبات الكونغرس الأميركي، إلى محاولات المتضررين من الإتفاق الإلتفاف عليه، أو تعطيله، أو التشويش، إلى ما هناك من عقبات وصعوبات يتعين على الإيرانيين التفكير بها، إلى جانب ذلك، الميادين التي تتوزع فيها أجنحتها العسكرية بحاجة إلى المزيد من الدعم والـ«شدشدة» لتتمكن من الإحتفاظ بها كأوراق تفيد في لعبة «الأخذ والعطاء» على مبدأ المبارزين الأقوياء، فالديبلوماسية الإيرانية تعلمت أن من لا يملك أوراقا رابحة، لا مكان له على الطاولة، حيث الجلسة تكون دائما «مزروكة» .

في المحصلة، إلى حين جليان الصورة بعد ضبابيتها، النتيجة الأولى من نجاح مسودة الإتفاق هي «تحييد نظر» المايسترو الأستاذ عن جنيف، وجعله يلتفت مجددا إلى الداخل المسكين، وربما كان هذا الوقت الضائع مفيدا لقدراته السحرية كي يصنع من رماد حفلة الأسبوع الماضي أرنبا جديدا ينفخ فيه من لدن التسوية روحا، ويجعله في قبعته، ويقف على شاطىء النهر منتظرا اللحظة السياسية المناسبة ليخرجه من قبعته، خصوصا مع تسرب إشارات إلى إمكانية لقاء ثلاثي أو رباعي، سيحمل إليه جديدا، ربما…حتى ذلك الحين، على ما يبدو أن موظفي النظافة في القصر الجمهوري لا يزال لديهم متسع من الوقت…