IMLebanon

رهانات اللعبة النووية: منطقة خفض تصعيد

العالم على أعصابه، وان كان واثقا من ان الصدام النووي ليس خيارا. لا في بيونغ يانغ التي تعلن انها تستطيع تدمير جزيرة غوام خلال ١٨ دقيقة. ولا في واشنطن التي تهدد بمحو كوريا الشمالية من على وجه الأرض خلال ١٥ دقيقة. لكن اللعب على حافة الهاوية النووية خيار سياسي. هكذا راقب العالم بقلق أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا خلال النصف الأول من الستينات في القرن العشرين. وهكذا يراقب أزمة الصواريخ الكورية الشمالية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. وفي الحالين كانت أميركا.

الأزمة القديمة أدارها محترفون بقيادة رجلين عاقلين: الرئيس جون كينيدي في البيت الأبيض، والزعيم الشيوعي نيكيتا خروشوف في الكرملين، وانتهت بتسوية. حتى عندما بعث الرئيس كاسترو برسالة الى القيادة السوفياتية يعلن فيها استعداده للصمود والتضحية ويطالب بابقاء الصواريخ في كوبا ولو أدى ذلك الى صدام مع أميركا، فان سوسلوف حارس الايديولوجيا قال لرفاقه: لن يورّطنا هؤلاء المجانين في حرب مدمّرة. والأزمة الحالية تدار بين رجلين مغامرين: الرئيس دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وهما يراهنان في النهاية على تسوية تلعب الصين وروسيا دورا مهما في صنعها.

ذلك ان كوريا الشمالية واحدة من دول محددة تعطي الأولوية القصوى لصنع الصواريخ ودخول النادي النووي. وليس ذلك مجرد هوس بل هو مبني على حسابات استراتيجية واقعية لردع أية قوة عن غزو البلد والعمل لإسقاط النظام. فلو كان الرئيس صدام حسين يملك سلاحا نوويا لما غزت أميركا العراق. كذلك الأمر بالنسبة الى العقيد القذافي. ولو لم تكن ايران على عتبة امتلاك السلاح النووي لما قضت الدول الكبرى سنوات في التفاوض معها وتقديم الاغراءات لها من أجل التوقف عن إكمال الشق العسكري من مشروعها النووي.

والسؤال هو: الى أي حدّ تستطيع الصين القلقة حيال ما تفعله واشنطن وبيونغ يانغ ان تدفع الأمور نحو التسوية؟ وهل تصرّ كوريا الشمالية على ما أعلنه وزير خارجيتها من ان بلاده لن تضع القنابل النووية والصواريخ على طاولة المفاوضات؟ لا أحد يجهل الدور المحوري للصين في تقديم المساعدات الاقتصادية للبلد الفقير الذي يختصر ثوابته بثلاثة: استقلال في السياسة، كفاية ذاتية في الاقتصاد، والاعتماد الذاتي في الدفاع الوطني.

لكن الحد الممكن في المستقبل القريب هو ان تساهم الصين وروسيا في تعميم الاختراع الروسي في حرب سوريا، بحيث تصبح شبه الجزيرة الكورية منطقة خفض تصعيد. والتنازلات المتبادلة حتمية، وإلاّ انفتحت أبواب جهنّم على العالم في أخطر تصعيد عسكري.