IMLebanon

وضحيَّة النووي، متى “تحريره”؟

ليس حدثاً عاديّاً ما أُنجز في لوزان، وما توصلت الى الاتفاق عليه “الامبراطوريتان” اللدودتان اللتان حوَّلتا حياة العالم العربي والمشرق والشرق الأوسط جحيماً أين منه جحيم دانتي.

وفي شكل من الأشكال يعيدنا الى قاموس عصر الانقلاب، والثورات، والحروب غير المكتملة، والذي يكلّله عنوان “لعبة الأمم”.

فكم تلقَّت الدول والبلدان الصغيرة كلبنان من النصائح بالابتعاد من ملاعب الدول الكبرى التي لا تحلِّل ولا تحرّم، ولا تتردَّد في استعمال شعوب العالم الثالث وحكّامه وقوداً لمخططاتها وطُعْماً لمصالحها.

فعداء ستة وثلاثين عاماً انطوت صفحاته، وانطوت سيرته في أقل من ست وثلاثين ساعة من المفاوضات المقرونة بالدعابات والابتسامات والعناقات على طريقة العشاق التاريخيّين من وزن قيس وليلى، وعنتر وعبلة وروميو وجولييت، ليعود ويغيِّر رأيه ويجمعهما معاً.

فأين تلك الطهران التي تواصل الردح والذمَّ وكيل الاتهامات لـ”الشيطان الأكبر”، واين واشنطن التي لا تكفُّ عن تحميل “محور الشرّ” كل ما يصيب المنطقة العربيَّة والعالم؟

ولا شيء يمنع، أو ينفي أن تكون العاصمتان على حق، وأن يكون كل منهما يستاهل ما يقوله ويكيله الآخر له من نعوت وصفات.

إنما بيت القصيد ليس هنا. فالرئيس الإيراني حسن روحاني تحدَّث، بصوت مليء بالثقة والارتياح، عن صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركيَّة. وعن شرق أوسط جديد. غير أنه لم يكمل الجملة، ولم يكتب عجز بيت الشعر كما تقضي بحور الخليلي.

ولم يذكر روحاني شيئاً عن “إيران جديدة” مثلاً، وهذا أقل ما يمكن أن يتوقَّعه وينتظره العالم العربي بعد رحلة شاقة ومضنية مع إيران الملالي التي وضعت نصب عينيها استعادة الأمبراطوريَّة الفارسية ودورها.

أو بالنسبة الى سياسة إيرانية جديدة، هادئة، بنَّاءة، بعيداً جداً من أسلوب الستة والثلاثين عاماً، حيث وزعت قيادات طهران المتعاقبة “هدايا ثمينة” لا تنضب. مضمونها الاضطرابات. وحقولها الحروب بكل أسمائها وأنواعها. وهدفها واحد: تفتيت المشرق بكل تاريخه المتميِّز وتشييد امبراطوريتها فوق أطلاله.

في كل حال، ها نحن اليوم، وبعد توقيع “الاتفاق – الاطار” إياه أمام امتحان جاهز وبسيط لاختبار النيّات. ولا يحتاج الى أكثر من همسة من طهران في أذن بيروت: انتخبوا رئيساً للجمهورية. انها، حقاً وفعلاً، بهذه البساطة، فيما إذا توافرت النيّات الصافية.

ثم اليكم اليمن السعيد وحوثيّوه المسجلون في خانة طهران. ثم العراق فسوريا، فليبيا، فكوني فكانت.

و”الشيطان الأكبر” القديم يعلم أن المفاتيح في حقيبة زعيمة “محور الشرّ”، فمتى “تحرير” الفراغ الرئاسي ضحية النووي؟.