هذا ما يجول في رأس القيصر، رداً على عقوبات قاتلة، زعزعة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط…
لأننا خائفون على لبنان من الزوال، خائفون على سوريا بعدما لامس الوضع الاقتصادي، تالياً الوضع المعيشي فيها حدود الكارثة ، ربما… ما بعد الكارثة!
هل كان مفترضاً ببشار الأسد أن يسلّم مفاتيح دمشق الى رجب طيب اردوغان، أو الى بنيامين نتنياهو (والآن نفتالي بينيت)، أو الى أبي بكر البغدادي؟
هذه تراجيديا القرن. ذاك الحصار البربري الذي لا يخضع للحد الأدنى من القيم. العرب جدران مهدمة في حضرة «الاله الأميركي».
كلام عن عودة وشيكة الى جامعة الدول العربية. عسى أن يستيقظ الضمير العربي الذي يغفو، ربما منذ ألف عام في الثلاجة، ويهب لانقاذ سوريا من الاختناق، ولتتوقف رقصة العباءات حيناً، ورقصة الطرابيش حيناً آخر.
أين الأصدقاء؟ لا مجال للرهان على الصين. التنين بشخصية الحانوتي الصغير، وهو يتسلل، عبر الثقوب الأميركية، الى الأسواق.
السياسات الصينية تثير الحيرة ان لم تكن السخرية. لا رؤية أخلاقية لقضايا العالم، كونفوشيوس تحوّل الى بائع جوال. هاجس الأسواق، وهاجس المرافئ، يحكم العقل الصيني، دون ازعاج أميركا، والا ما المانع من المباشرة باعادة الاعمار في بلد توقعت «الايكونوميست» قبيل اندلاع الأزمة، أن يكون النمر الذهبي في غرب آسيا؟
ها هي البوابة الأوكرانية، ليس كمدخل الى العمق الأوروبي، أيضاً كمدخل الى أقاصي الشرق الأوسط. هنا اللعبة الكبرى التي تنتظرنا. لا ستاتيكو بعد الآن. لا بد من الرياح التي تحطم ذاك الحطام.
كلام طوباوي، بل وكلام غريب، للسفير الايراني في دمشق مهدي سبحاني حول نقل تجربة مواجهة العقوبات في ايران الى سوريا. يا رجل أين ايران وأين سوريا؟؟
سوريا المثخنة بالجراح، والتي ما زالت في مناخات الحروب الطاحنة، تخضع أراضيها، وتخضع ثرواتها لثلاثة أنواع من الاحتلال. الاحتلال التركي، والاحتلال الاسرائيلي، والاحتلال الأميركي.
حدود مع لبنان، وحيث الدولة قيد الاحتضار، وحدود مع العراق، حيث ترابط قوات أميركية للحيلولة دون أي تعاون بين البلدين، وحدود زئبقية مع الأردن بالسوق المحدودة. ماذا عن الحدود مع تركيا؟ حدود جهنم…
ايران، بالتأكيد تخضع لحصار هائل، ولكن لم تتقطع السبل بأهلها، ولم تتقطع أوصالها، دون أن يقترب الأميركيون و «الاسرائيليون» والأتراك من أراضيها، لا بل أن حدودها مفتوحة على مصراعيها مع تركيا، حتى أن النفط الايراني يصل الى الهند والصين.
الخطوط الديبلوماســية بين واشنطن وموسكو في الطريق الى الاندثار. واذا كان باستطاعة البروباغندا الأميركية استيعاب الفضيحة في أوكرانيا، وحيث التقهقر أمام الدبابات الروسية، والى حد الحديث عن دولتين (أوكرانيا الشرقية وأوكرانيا الغربية) على الأجندة الروسية الآن وبالتنسيق الكامل مع بشار الأسد: رؤوس نووية على الأرض السورية!!
للتو تتداعى كل قواعد اللعبة، بل ويتغير شكل (ومسار) الشرق الأوسط، ولسوف نجد الأميركيين مستعدين ليس فقط للعودة عن العقوبات، أيضاً لابرام تسوية بحل الأزمة في سوريا تبعاً لمَ يريده الســوريون، لا تبعاً لما يريده الآخرون. اقتراح جنوني؟ فليكن، في مواجهة السيناريوات الأميركية المجنونة.
بالرغم من الهوة الفكرية والهوة الايديولوجية بيننا وبين الصقور في ايران، نشعر الآن، وأمام الأزمة الاقتصادية المروعة في سوريا، بأن هؤلاء على حق حين يقولون «نصنع القنبلة أولاً، ثم نفاوض»…
فلاديمير بوتين يفكر، فعلياً، بنصب الصواريخ النووية في سوريا. المراوحة الراهنة مملة، وتعمل ضد سوريا وروسيا سوية. لا يكفي أن تحط القاذفات الاستراتيجية في قاعدة حميميم. المسألة تحتاج الى خطوة تزعزع كل قواعد النظام الحالي في المنطقة. كلنا في انتظار… اللحظة ـ الزلزال!…