IMLebanon

إيران وإسرائيل وسلاح الدمار الشامل

 

عاد موضوع سعي إيران لامتلاك سلاح نووي إلى الواجهة مجدداً بعدما قيل من سعي أميركي للوصول إلى اتفاق مع طهران حول برنامج ايران النووي الجديد، والذي يأتي عقب انسحاب أميركا من اتفاق العام 2015 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وذلك عام 2018. وجاء موقف الرئيس الأميركي آنذاك كمحاولة لتعديل سلوك ايران الاقليمي وتوسعها في أنشطة الصواريخ البالستية. وكان الهدف الأساسي من اتفاق 2015 بين ايران والدول الخمس يهدف إلى تقييد نشاطات ايران النووية في مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

 

وكانت وسائل اعلام غربية قد اشارت إلى وجود مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وايران لابرام اتفاق مؤقت بديل للاتفاق السابق. حتى أنّ بعض وسائل الاعلام تحدثت عن وصول الطرفين إلى اتفاق مؤقت بشأن احياء الاتفاق النووي لعام 2015 ويشمل اطلاق سراح محتجزين اميركيين وتخفيف ايران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة مقابل تحرير الأصول الايرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية والعراق والبنك الدولي. وما زاد في دقة الوضع تصريح للمرشد الايراني علي خامنئي قال فيه: «إن الغرب لا يمكنه منع ايران من بناء أسلحة نووية إذا أرادت طهران ذلك، ولا ضير من اتفاقيات لا تمس بالبنية التحتيّة لصناعتنا النووية».

 

جاء هذا التصريح للمرشد خامنئي بمثابة نعي لامكانية الاتفاق مع أميركا من جانب ولإثارة موجة من التحذيرات والتهديدات الاسرائيلية من جانب آخر. فقد نفى البيت الأبيض التوصل إلى أي اتفاق مع ايران ووصفها بالأخبار الكاذبة في حين شنّ الخبراء العسكريون في اسرائيل سلسلة تصريحات وتحذيرات حول ايران النووية.

 

1 – فقد اعتبر مسؤول عسكري اسرائيلي كبير أنّ وصول ايران إلى نسبة تسعين في المئة (90%) من تخصيب الاورانيوم هو خط أحمر وسيدفع باسرائيل إلى ضرب المنشآت النووية الايرانية.

 

2 – وأكد مسؤول عسكري آخر بأنّ اسرائيل ستكون مستعدة لشنّ حرب شاملة ليس على طهران وحدها، بل على أذرعتها العسكرية في المنطقة وفي مقدّمها «حزب الله» اللبناني، بما يحبط أي محاولة لشن هجمات مسبقة على اسرائيل.

 

3 – وبحسب المصادر الاسرائيلية فإنّ المسموح به بحسب اتفاقية 2015 لايران من المخزون الاجمالي من اليورانيوم هو 447 رطلاً في حين أن تخزينها الاجمالي الآن يصل إلى 10459 رطلاً. وأما معدّل تخصيب الاورانيوم فإنّ المسموح به هو 3.67% وهو الآن يقترب من 90%، وهي نسبة اعلنت اسرائيل أنها ستدفعها لمهاجمة ايران.

 

سؤالان يطرحان في هذا المجال: الأول: لماذا تسعى ايران لامتلاك سلاح الدمار الشامل (النووي والبالستي)؟ والثاني: ولماذا تلتزم اسرائيل بشنّ حرب نووية على ايران النووية؟

 

أولاً: في مبررات سعي ايران لامتلاك اسلحة الدمار الشامل، يمكن اختصار مبررات ايران بالأمور التالية:

 

1 – إنّ ايران دولة، أمة عميقة الجذور في تاريخ البشرية ولطالما كانت لديها طموحات امبراطورية منذ أقدم العصور إلى الآن.

 

2 – تسعى ايران لأن تضع نفسها في مصاف الدول الكبرى ذات التأثير في مجرى الأحداث في محيطها وفي العالم.

 

3 – وهي تأمل ان تظهر كقوة قادرة على مواجهة السياسة الاميركية في الشرق الأوسط.

 

4 – وأنّها قوّة يحسب لها حساب في العالم الاسلامي بما لديها من سلاح وتكنولوجيا متقدمة.

 

5 – التغطية على صغرها العددي الديمغرافي تجاه العالم السني (أهل السنّة) بحيث أنّ ايران وكل العالم الاسلامي الشيعي لا يشكّلون سوى نسبة 15% من عدد المسلمين في العالم.

 

6 – إبراز قدرتها على مواجهة اسرائيل بديلاً عن بقية الدول العربية التي لا تفعل ذلك بل لا تجرؤ على ذلك.

 

7 – إنّ صفتها النووية تجعلها محاوراً للدول الكبرى حول السلاح النووي وهو ما عكسته اتفاقية 2015 والصدام مع الرئيس الأميركي ترامب.

 

8 – امتلاك سلسلة صواريخ بالستية بدأت بصاروخ سكود الذي مداه 300 كيلومتر وصولاً إلى الصاروخ البالستي شهاب 3 ويبلغ مداه 1300 كيلومتر بحيث يصل إلى كافة انحاء اسرائيل. وهنا يصبح الشعار الذي أطلقه الإمام الخميني يوم كان لاجئاً مقيماً في ضواحي باريس عام 1978 «Rayer Israel de la carte du monde»، احتمالاً ممكناً بواسطة السلاح النووي والقدرة الصاروخية.

 

ثانياً: في استراتيجية إسرائيل النووية

 

لعلّ أهمّ ما يختصر استراتيجية اسرائيل النووية وفيها وجوب مهاجمة ايران النووية تصريح لوزير الدفاع الاسرائيلي المعروف أرييل شارون نشرته صحيفة معاريف الاسرائيلية بتاريخ 18/1/1981 وفيه: «الأساس في سياستنا الدفاعية هو قرارنا بمنع دول المواجهة او دول مواجهة محتملة، من الوصول إلى امتلاك السلاح النووي. فهذه المسألة بالنسبة إلينا ليست مسألة ميزان الرعب بل مسألة استمرار الوجود، وسيكون من واجبنا القضاء على هذا الخطر في المهد».

 

… هذا الكلام الواضح ليس بحاجة إلى تعليق او تفسير خاصةً وأنه يصدر عن وزير دفاع لدولة تملك في حدود 250 قنبلة نووية! أي انها خامس قوّة نووية في العالم.