هل من انعكاسات للاتفاق بين الغرب وإيران على العلاقة بين الغرب و»حزب الله» في لبنان؟ وهل يمكن أن تكون إيجابية في المرحلة المقبلة؟
تستبعد مصادر ديبلوماسية غربية أن يكون للاتفاق الإطار الذي وقّع بين الغرب وإيران حول البرنامج النووي الإيراني أي تأثير على مجرى العلاقة بين واشنطن و»حزب الله» من جهة وبين أوروبا والحزب من جهة أخرى، وبالتالي لن تكون هناك علاقات مع الحزب نتيجة هذا الاتفاق، كما أن الأميركيين والأوروبيين لن يعمدوا فوراً إلى إزالة «حزب الله» عن لائحة الإرهاب لديهما، من جراء الاتفاق مع إيران.
إن تغيير التعامل الغربي مع «حزب الله» وتغيير مفهوم الغرب له، يحتاج إلى خطوات كبيرة من الحزب، لعل أبرزها إعادة لبننة الحزب لبننة كاملة، وقبوله بنزع سلاحه أو بأي صيغة تعادل الاستراتيجية الدفاعية التي كانت تبحث في الحوار الوطني اللبناني.
وتقول المصادر، إنه من المبكر جداً لأوانه البحث في العلاقة الغربية مع «حزب الله». وهذا الموضوع سيخضع لاحقاً للحوار بين الطرفين، وللتفاهمات المحتملة حول الملفات المطروحة في المنطقة، ومن ضمن ذلك مشاركة الحزب في القتال في سوريا، ما يعني أن العلاقة بينهما تحتاج إلى تفاهمات يجب أن يوافق عليها الحزب ومن قبله إيران في الدائرة الأوسع، حتى أن إزالته عن لائحة الإرهاب تتطلب تغييراً في سلوكه ليتلاءم مع المعايير الأوروبية لتقويم الأحزاب السياسية.
فضلاً عن ذلك، إن التفاوض الذي جرى حول النووي والذي توّج باتفاق إطار، وسيستمر للتوصل في حزيران المقبل إلى اتفاق نهائي، لم يتناول على الإطلاق قضايا المنطقة بما في ذلك الوضع اللبناني ونفوذ «حزب الله». كان هناك ولا يزال حتى انتهاء التفاوض، فصل بين النووي وقضايا المنطقة. وهذا حصل تبعاً لموقفي الغرب وإيران، لأن النووي يحتاج فعلاً إلى تركيز في التفاوض، وأنه كانت هناك مصلحة غربية إيرانية في حل هذا الملف أولاً، كما أنه يجب عدم تعقيد هذا الملف مع ملفات أخرى، ليسهل الحل.
لذلك، السلوك الغربي حيال الحزب لن يتغيّر في المرحلة الراهنة، وإن كانت مرحلة انتقالية بين الغرب وطهران حيث هناك مراقبة مشددة لسلوك إيران نووياً وفي المنطقة إلى حد ما.
المصادر الغربية تقول أيضاً إن الاتفاق النووي يعني أن الحوار معها مستمر، وأنه يجب دعوتها إلى المؤتمرات التي ستتناول حل قضايا المنطقة في وقت لاحق. لكن حتى الحوار معها ليس سريعاً لمجرد توقيع اتفاق الإطار، إنما يحتاج هذا الاتفاق أولاً إلى تأكيدات على الأرض، في فترة انتقالية سيتبعها توقيع الاتفاق النهائي في حزيران المقبل.
وبعد حزيران سيتم بحث التفاوض حول ملفات المنطقة. ومن الآن وحتى بدء الحوار، ستبقى المشكلات كلها في المنطقة قائمة مثلما هي الآن.
وملفات المنطقة ستكون، وفقاً للمصادر، أكثر تعقيداً من الملف النووي، لا سيما ملفات سوريا والعراق واليمن. وكل هذه الملفات باتت مربوطة ببعضها بعضاً.
الآن هناك انتظار لمفاعيل الاتفاق لاستكشاف موقف إيران المرتقب. ومرحلة ما قبل الحوار الغربي الإيراني ستشهد محاولات لتقوية كل طرف في المنطقة أوراقه على الأرض. من هنا كانت الضربة على اليمن. حالياً ستعزز عملية تقوية الأوراق في المنطقة أكثر وأكثر ما قد يؤدي إلى تصعيد ما قبل الحوار.
الولايات المتحدة بحسب المصادر لن تقوم بالمساومة على علاقاتها بالخليج، وهي لا تتعاطى إلا من منطلق المصلحة. والمصلحة الآن هي في عدم بيع مصالحها في المنطقة. إيران حلّت النووي، وتعمل لإزالة العقوبات، من دون أن تساوم على ملفها، إنما الخلافات في المنطقة مستمرة. الخليج يتخوّف من أن تصبح إيران أقوى من دون عقوبات ولا احتواء لها. واشنطن لن توقع اتفاقاً مع إيران من تحت الطاولة وتتجاهل دول الخليج، وهذا لن يحصل وفق المصادر، لأن مصالحهما تقتضي ذلك، وليس من مشكلة مع الخليج.
الآن الوضع مأزوم جداً بين الخليج وإيران، لكن أي حوار مستقبلي بين الغرب وطهران قد يُفضي إلى حوار في المنطقة. لكن هذا لا يعني أن أي طرف سيكسب كل شيء، والطرف الآخر سيخسر كل شيء.
الملف اللبناني الأقل تعقيداً بين ملفات المنطقة، وإذا ما تقرر استثناؤه من التصعيد الحاصل في المرحلة المقبلة فقد يشهد تخفيفاً للضغوط. واشنطن تريد انتخاب رئيس للبنان لكنها ليست على تدخل حالياً في المسألة.