Site icon IMLebanon

رقيم الجنرال

مرّت ذكرى ١٣ تشرين أول ١٩٩٠ بسلام وأمان، بدأت بالترتيل والآذان، وانتهت بخطاب – برنامج لرئيس التيار الوزير جبران باسيل، ثم برقيم الجنرال ميشال عون لشهداء المناسبة، وقد حرص فيه بعناية ودراية، على كسب ودّ المعارضين من دون تجفيل الحلفاء…

لكن بعض الأوساط النيابية، كانت تفضّل أن ترى العماد عون بين جمهوره، بمعزل عن الدوافع التي جعلته يختار التواصل معه عبر الشاشة، لأن عدم حضوره شخصياً عكس لدى البعض، تضاؤل ثقته بامكانية المتابعة الى قصر الشعب، وبالتالي يغدو تحقيق حلم الوزير باسيل برؤيته العماد عون واقفاً على شرفة القصر هاتفاً يا شعب لبنان العظيم أصعب منالاً…

وتوقفت الأوساط، أمام مستجدات اللحظات الأخيرة ما قبل الحشد العوني على طريق القصر، التي سارت بعكس مشتهى سفن العماد، من عودة الرئيس سعد الحريري الى دائرة التريث والانتظار، بعدما كان حدّد موعد اطلالته التلفزيونية الحاسمة الخميس المقبل، الى غسل الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، التباينات في مواقفهما، من سلّة التفاهمات بصابون القلوب المضمّخ بعطر التحالف القديم… الى دخول المارد سليمان فرنجيه كما وصفته قناة إن. بي. إن. على الخط من خلال التأكيد والاصرار على بقائه في الميدان الرئاسي، وصولاً الى التسريبات المشككة، بنيّات حزب الله حيال التسليم للرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة، لا بل حتى الناقلة أخبار الرفض السوري الحاسم لهذا الاتجاه، ما دفع الحريري الى الإحجام عن اعلان دعمه لترشيح الجنرال، وهذا ربما هو ما حصل…

بعض الحلفاء المشتركين، لا يستطيعون ضمانة موقف حزب الله في هذه الحالة، بحكم ارتباطه بالاستراتيجية الايرانية – السورية، لكن نائب رئيس القوات اللبنانية النائب جورج عدوان أعرب للمستقبليين عن ثقته، بأن كتلة المستقبل زائد حلفاء ١٤ آذار، زائد كتلة التغيير والاصلاح، تؤمّن لسعد الحريري الفوز بالاستشارات النيابية الملزمة، وبمعزل عن كتلة حزب الله وحلفائه الآخرين.

عددياً، تقول الأوساط، الأمر ممكن، فكتل ١٤ آذار ومعها الكتلة العونية، تستطيعان فرض من تتوافقان عليه لرئاسة الحكومة، لكن من الناحية السياسية، فان لعبة العدد تضعف، بالعراقيل التي قد توضع في طريق تشكيل الحكومة من الحقائب الى الأسماء، واذا أقبلت، وتمّ التوافق على الحقائب والأسماء، ضمن اطار المحاصصات المعتادة، فان العرقلة تنتقل الى البيان الوزاري، وما يجب أن يتضمنه، خصوصاً ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة المقدسة بنظر حزب الله، أو اعلان بعبدا الحافظ للسيادة والداعي للنأي بالنفس عن صراعات الآخرين، وفق ما يراه صاحب هذا الاعلان الرئيس ميشال سليمان.

انعدام التفاهم على الأساسيات، ولّد عدم الثقة بالنيّات، ومن هنا يمكن فهم اعتراضات المعترضين على الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي يلحّ عليها الرئيس بري، تحت ضغط الضرورات المالية للدولة، بينما يقف المعترضون على الجلسة التشريعية خلف إصبع الضرورة بأن يتضمن جدول أعمال التشريع مشروع، أو مشاريع قوانين الانتخاب. والحقيقة ان بعض هؤلاء ان لم يكن جلّهم، يعيشون هاجس الخوف من أن يستغل البعض اكتمال نصاب الجلسة التشريعية، فيقفلون باب القاعة، ويدعون النواب الحاضرين الى انتخاب رئيس، من بين المرشحين الرئاسيين، العماد عون والنائب فرنجيه، وهون حطّنا الجمّال…

وبالتأكيد، النتيجة ستكون معروفة، ومن هنا حرص العماد عون على عدم النزول الى مجلس النواب قبل ان يضمن كونه الفارس الوحيد في الميدان. بينما يستغل المستفيدون من حالة الشغور الرئاسي، هذه المفارقات والمخاوف، للاستفادة من وجود الدولة بلا رأس والحكومة بلا حول، ومجلس النواب حاضر غايب…

وسط هذا الخضمّ، تكوّنت القناعة بأن لا انتخاب رئيس في الحادي والثلاثين من تشرين الأول، وربما ما بعده، إذ ثمة من يربط عربة الرئاسة اللبنانية الآن بمعركة حلب، وثمة من يراها مكبّلة بخيوط الانتخابات الرئاسية الأميركية، علماً ان هناك مربطاً آخر، وهو الأخطر، رغم عدم انتباه الناس اليه، ألا وهو الحرب الباردة المتجددة بين الأميركيين الساعين لتمتين زعامتهم على العالم، والروس الهادفين الى استعادة الأمجاد السوفياتية.