Site icon IMLebanon

الأرقام في لبنان باتت  عنوان البهدلة

الحكَّام، في المجمَل، لديهم كرهٌ للكلمة ويُفضِّلون عليها الرقم لأنَّ الرقم يمكن تسييله فيما الكلمة لا يمكن تذويبها.

والحكَّام قُساة القلب، لديهم مشاعر من حجارة وأحاسيس من صخور، لا يتوقَّفون إلا عند الأرقام الإيجابية التي تضاعف أرباحهم وتراكم ثرواتهم، حيث أنَّ السياسة لم تعد فن الممكن بل كادت أن تتحوَّل فن الإثراء.

هؤلاء الحكَّام أنفسهم يكرهون الأرقام السلبية لأنها تدينهم، فبسببهم وبسبب أدائهم الفاشل تتحوَّل الأرقام من إيجابية إلى سلبية.

خريف الفصول غالباً ما يكون خريفاً على كل المستويات، فكيف إذا كان في لبنان حيث الإنهيار يكاد أن يكون عاماً؟

في خريف البلد الكلمة هي للأرقام السلبية، فهل حكامنا يُدركون هذه الحقائق؟

إنَّ نسبة الدين من الناتج بلغت ١٣٤% وهذه نسبة تجعل من لبنان من الدول التي تلفُّها المخاطر. هل قرأ حكَّامنا هذا الرقم؟

هل عمدوا إلى تحليله؟

هل يُدركون حجم مخاطره؟

إنَّ الدين العام بلغ سبعين مليار دولار، فمن أين سيتمُّ البدء بخفض الديون؟

هل من جيوب شعب يترنَّح تحت خط الفقر؟

إنَّ إستحقاقات الدين بالعملات الأجنبية تصل قيمتها إلى نحو مليارين ونصف مليار دولار سنوياً، فكيف سيتم تأمينها؟

هذه عيِّنة من الأرقام التي يندى لها الجبين، لكنها ليست الأرقام الوحيدة أو اليتيمة بل إنَّ هناك ملفات رقمية لا يمكن إلا الخجل منها:

إن أرقام البطالة لم تعد تُحتَمَل:

ثلثا خريجي الجامعات في لبنان يتخرَّجون مباشرة إلى البطالة، وفي أحسن الأحوال إلى العمل بغير اختصاصاتهم، وليس خافياً على أحد أن العمل بغير الإختصاص الحقيقي هو نوعٌ من أنواع السخرة المقنَّعة.

جزءٌ أساسي من أسباب هذه البطالة أنَّ ادارات الدولة مقفلة على كثير من الخريجين ومفتوحة لمَن يمتلك نعمة الواسطة من هذا السياسي أو ذاك، ولكن ماذا عن الذين لا يملكون من الواسطة سوى شهادة تخرجهم؟

هؤلاء ليس لديهم سوى تدبير سعر بطاقة السفر وتأشيرة دخول إلى بلدٍ من البلدان التي تحترم إختصاصهم.

ماذا عن خسائر القطاعات ولا سيما منها قطاع الكهرباء؟

هل يُدرِك حكَّامنا، على سبيل المثال لا الحصر، أنَّ نصف الدين العام في لبنان سببه الأموال الهائلة التي صُرِفَت على هذا القطاع من دون أن يُحقِّق هذا الصرف غاياته لجهة تأمين التيار الكهربائي؟

لا، الرقم ليس وجهة نظر، أو بالأحرى لم يعد كذلك، الرقم في لبنان أصبح علامة فارقة للذلِّ والخنوع والهدر والدين، وبكلمةٍ واحدة: البهدلة.