وليد عيدو! تمرّ السنون ثقيلة على لبنان؛ من تفريغ لموقع الرئاسة الأولى، وتمديدين للمجلس النيابي شبه المعطل، في ظل حكومة مشلولة، وانغماس فريق لبناني في أتون الحرب الدائرة في سورية وتدخّله في ساحات عربية أخرى، واستعدائه لدول الخليج التي تشكل رافداً اقتصادياً وسياحياً هاماً للبنان، في هذا الجو المدلهم المكفهّر، لا زالت شهادتك حافزاً لنا نتلمس من خلالها طريق التمرد على الواقع المأزوم وتعزز صمودنا المعمّد بالدم وتمنحنا العزيمة لتحقيق دولة المؤسسات السيدة الحرة المستقلة.
وليد عيدو كان أكثر من مشرّع وأكثر من نائب، لقد كان مقاوماً عنيداً للاحتلال الصهيوني كما للهيمنة على السيادة الوطنية، كان يعمل لبناء الدولة السيدة القادرة والعادلة ويرفض منطق الدويلة، كان جريئاً في تظهير قناعاته لانه آمن بقوة الحق لا بحق القوة، سلاحه الكلمة الحرة تهزّ فرائض العابثين بسيادة الدولة ومؤسساتها، لم يرهبه سلاح ولا عربدة المتطاولين على الوطن، قارع الباطل لانه آمن بان دولة الباطل ساعة ودولة الحق حتى قيام الساعة. لكن المتربصين بلبنان خافوا من دوي كلماته ومن تأثيرها في الجماهير المتعطشة للحرية، فصبّوا نيران حقدهم متفجرة اودت به وبالوعد المرسوم على جبين «خالد»، فارتفع ونجله شهيدين على مذبح الوطن الجريح، وبقيت كلماته تصدح في ارجاء لبنان ترسم خيوط الامل على صفحات المستقبل، وتسبب الجنون لسفاحيه.
وليد عيدو! تابعت مسيرة الرئيس رفيق الحريري بأمانة وصدق، فتخليت عن حذر السياسيين المعهود وارتضيت المواجهة، فأغضبت مواقفك الصريحة الأعداء، وفضحت كلماتك الجريئة كذب ادعاءاتهم وخبث نياتهم. لقد آمنت بأن الأيدي التي ترتعش لا تستطيع ان تحمل أحلام الناس، وان الخائفين من رصاص المتسلطين على الوطن لا يمكن ان يساهموا في تحريره، «فأم الجبان لا تفرح ولا تحزن»، وأهلنا يتطلعون الى مَن يشد ازرهم ويسقط من امامهم حواجز التردد.
وليد عيدو! مخطئ مَن يظن أن المؤامرة قد توقفت عندما اغتيل خيرة رجالاتنا من قادة الخط السيادي، فالمؤامرة ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا ومرشحة للاستمرار مستقبلاً حتى ينالوا من تيارك السياسي ويقوّضوا بنيانه ويفرقوا محازبيه وأتباعه. والمؤلم ان بعض مَن يحمل معاول الهدم حلفاء لنا كانوا في الأمس يتقدّمون صفوفنا ويذودون عن مبادئنا وأفكارنا. إلا أن الوفاء قد بات سلعة نادرة، والمصالح سيدة الموقف. ولكننا لا نزل على العهد والوعد ولن نبدل تبديلاً.
وليد عيدو! لا يزال الرئيس سعد الحريري حارس الهيكل، ولا يزال جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري يلتف حوله ويعمل معه على توطيد العيش المشترك والسلم الأهلي ومواجهة آثار الخطوب التي تعصف بالمنطقة وتلقي بظلالها على لبنان، ولن ينال الحاقدون من مشروعه ونهجه، فللبنان ربٌّ يحميه وسعدٌ يفديه.
() نائب سابق