هل كثير اذا أعلن الموظفون في مرفأ بيروت الإضراب وهددوا بشلّ حركة الإستيراد والتصدير احتجاجاً على القرار الغبي بجمع النفايات في المرفأ، واذا كان الذين اتخذوا هذا القرار لا يمانعون في تراكم الزبالة على بوابات إهراءات القمح، فهل من المستغرب اذا قرروا غداً إرسال النفايات الى حرم المطار باعتبار ان الزبالة من مستلزمات السياحة ولبنان يا أخضر حلو؟
وهل كثير اذا بات البلد مزبلة كبرى تتداخل فيها روائح النفايات بروائح السياسات وقذارات بعض السياسيين، لا يلتفتون الى الجرذان السارحة في أكوام العفن والقرف، فهل كثير اذا صرخ المواطن المدعوس:
صحتين يا شعب لبنان الغشيم القاعد والصامت والمستلذّ بالروائح وبالجراثيم وبالملاريا وبالبرغش وبالذباب الأزرق … صحتين يا شعب لبنان الأهبل والمعاق والتافه والعاجز والمشلول والمفلس والمخصي والغبي والبغل والواوي والبسين، لأنك تشيح بنظرك فتتجاهل المسؤولين الذين دفعوك الى العيش في مزبلة، ولا تتوانى أحياناً عن ان تكون حقيراً عندما تلقي خلسة كيس نفاياتك على مفترق شارعك أو حتى أمام باب جارك!
صحتين ايها الشعب المسكين ها هي الدولة تقع في التعطيل الكامل، فالحكومة العاجزة بعد المجلس المشلول والرئآسة الميتّمة في إنتظار غودو الذي لن يصل قط، فيتراكم الفراغ في القصر الجمهوري ويرتفع الى السماء متجاوزاً التمنيات والمناشدات والصلوات والمباخر والعظات!
الدولة مشلولة والسلطات معطلة، لكن الزبالة ناشطة في الشوارع والساحات ومجاري الأنهر، ولن تلبث الميكروبات ان تنقضّ عليكم من الحنفيات فتدخل أحشاءكم وبطون أطفالكم دوزنطاريا وحمى وإسهالات وليس من سيفونات، ثم قد يأتيكم الطاعون والهواء الأصفر ليحرقا أنفاسكم، وانتم تستحقّون لأنكم خانعون صامتون يائسون مستسلمون في بلد تغرق شوارعه في التسونامي الأسود أكياس فوق أكياس ان لم تكن الخيرات فارطة بين الأرجل!
ويا شعب لبنان اللطيم والغشيم والبهيم، أولم تشاهد بعض الوزراء [من غير شر] يستأسدون مترغلين لكأنهم من الحساسين وهم بوم الخراب الناعق، أولم تشاهدهم سعداء وضاحكين، ومن أين وكيف لهم ان يسعدوا ويضحكوا والبلد مزبلة ومحارق مزابل، نتيجة التعطيل الذي يشل الدولة ويدفع لبنان الى الإنهيار الكامل؟
البلد كيس أسود وروائح كريهة وأنتم على جنس الملائكة مختلفون، و”طارق بن زياد” كاسر القوالب يصرخ فيكم: التعطيل الكامل من ورائكم وبحر الزبالة الهائل من امامكم فماذا انتم فاعلون؟
ويا شعب لبنان اللطيم، لن ينفعك رفع بعض الأوادم فيك شعار “طلعت ريحتكم” والمقصود طبعاً السياسيين، ربما لأن الذين طلعت ريحتهم بالفعل هم ابناء ذلك الشعب الغبي والمقصّر الذي لم يلقِ بعض المسؤولين والسياسيين في مستوعبات الزبالة على ما فعل الشعب في أوكرانيا… فصحتين!