IMLebanon

يا أيها الذين آمنوا…

لا… لا، إنَّ الأمور قد وصلت الى فوهة البركان، فلا تبالغوا في الإستخفاف بعقولنا.

إسمحوا لنا بأن لا نصدّق أن المواجهات التي عصفت حول «عاصفة الحزم» هي مواجهات سياسية، ولا نصدّق أن «عاصفة الحزم» وإنْ هي توقّفت عسكرياً ليست مستمرة نفسياً.

ولأننا لا نصدّق أن الصراع السياسي هو الذي كان وراء ارتفاع حرارة الإتهام الى مصاف الحرم النبوي الشريف، فاسمحوا لنا إذاً، بأن ندعوكم الى رفع المصاحف لتّـتحدوا في ظلالها، لا لتتقاتلوا عليها.

قبل «عاصفة الحزم» كنا نصدق بسذاجة أن الصراعات الدائرة في المنطقة هي سياسية الطابع، وهي التي حملَتْ بعض دول الخليج على رعاية التنظيمات المتطرفة، وأَن هذا الطابع السياسي اللعين، هو الذي دفع حزب الله الى مناصرة النظام في بلاد الشام.

ولكن، لأننا قررنا أن نتخلّى عن سذاجتنا، نرجو أن تصدْقوا أنتم معنا الآن، ان هذه المواجهات الدموية المتفاقمة في العالم العربي والإسلامي مدفوعةً بتعبئة نفسية محمومة، من شأنها أن تفجّر كل المشاعر الدفينة التي احتواها التاريخ منذ ألف وأربعمئة سنة ويزيد.

ألا ترون معنا، أن هذه المواجهات أخذت تنكأ عميقاً تلك الجروح النازفة منذ يوم «السقيفة»، وخلافة الخلفاء، وقميص عثمان، وحرب الجمل، واستشهاد الإمام علي والإمام الحسن، وكربلاء الإمام الحسين، ورؤوس الهاشميين المرفوعة على أسنة الحراب الى الخليفة الأموي في الشام؟

أليس هذا الذي يجري اليوم في اليمن والعراق وسوريا وسائر العالم العربي، إمتداداً الى سائر العالم الخارجي، أخذ يفتح أمام الأجيال الصاعدة صفحات مسعورة قد تمتد على مدى ألف وأربعمئة سنة جديدة من التاريخ؟

وماذا إذاً، عن النهي الإستباقي للصراع الديني السياسي الذي أعلنه الرسول في خطبة الوداع حين قال:

«إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام… ألا، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».

وماذا عن ذلك الحسم الإحتوائي للنزاع الذي أعلنه الإمام علي بن أبي طالب حين قال: «لأسلمنّ ما سلمتْ أمور المسلمين؟»

وماذا عن الفتوى التي أصدرها شيخ الأزهر العالم الكبير محمود شلتوت: «بالتعبّد للشيعة الإمامية كالتعبد لمذاهب السنة». (17/7/1959)

وماذا أيضاً عن ذلك الحسم التحذيري الذي أعلنه الإمام الخميني بقوله: إنّ الدول الإستعمارية تسعى باستمرار الى تفريق صفوف المسلمين من أجل سيطرتها؟» (2 جماد أول 1384 هـ)

ولأن الدول الإستعمارية هي الشيطان الأكبر…

إذاً، «يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة، ولا تَتّبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين…» (البقرة – 208).