Site icon IMLebanon

في إدارة أوباما..

يتابع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مفاوضة نظيره الروسي سيرغي لافروف في لاوس، مستأنفاً ما بدأه معه في موسكو.. ويخرج على الإعلام ليعلن أنه «يأمل» في إبلاغنا أخباراً طيبة مع مطلع الشهر المقبل (بعد أيام) في شأن الجهود المبذولة لـ«إيجاد حل» للنكبة السورية.

في هذه التوليفة الخبرية لا جديد يُذكر! ولا من يحزنون. بل إن الأمر كله لا يتخطى المألوف في سيرة تعامل الإدارة الأوبامية مع النكبة السورية، وحرصها على «رعاية» تدهورها المطّرد خطوة خطوة! كما على «رعاية» تنامي الدور الروسي فيها، المطّرد بدوره.. وخطوة خطوة!

لكن حتى في هذه السيرة المنحوسة، تبدو هذه الإدارة أقرب ما تكون إلى الميوعة والتردد وانعدام الوزن: في الوقت الذي كان كيري يعقد مؤتمره الصحافي في لاوس ويتحدث عن «آمال» كبيرة بالتقدم في شأن سوريا.. كان وزير الدفاع أشتون كارتر يعقد مؤتمراً صحافياً في «البنتاغون» ليقول شيئاً آخر تماماً، حتى بدا وكأنه «يرد» على زميله، وزير الخارجية، بل ويكذّبه علناً!

قال كارتر بوضوح ومباشرة، إن كيري يحاول تحديد (ومعرفة!) ما إذا كان الروس مستعدين لاتخاذ الموقف الصحيح في سوريا «أي دعم انتقال سياسي يفضي إلى تخلي الأسد عن السلطة ومحاربة المتطرفين(…) لكنهم (أي الروس) لا يزالون بعيدين كل البعد عن ذلك»!

ما يعنيه هذا التناقض المعلن، هو أن هناك وجهتي نظر متعارضتين فعلياً داخل الإدارة الأميركية. واحدة يقودها كيري بدفع من رئيسه وأخرى يقودها كارتر بدفع من تخوّف «البنتاغون» من خطة التنسيق العسكري المقترحة مع موسكو في شأن إدماج «النصرة» في بنك أهداف أميركي روسي مشترك. وفي حين يندفع وزير الخارجية باتجاه استكمال سياسة تلزيم الروس الوضع السوري برمته من دون ضوابط (كاشتراط الحل الذي يعني اندحار الأسد أخيراً)، يحاول كارتر لجم التدهور «وإفهام» زميله حجم التداعيات المترتبة على مواقفه في حال لم تكن متوازنة، خصوصاً وأن الروس «يأخذون» في سوريا ولا يعطون شيئاً في غيرها!

قبل الآن خرج من إدارة أوباما من عجز عن مجاراته أو فهم سياسته (أبو بالأحرى) لا سياسته إزاء سوريا: وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع تشاك هيغل! ووصل الأمر مع كلينتون إلى حد اتهام رئيسها بالتسبب في ظهور «داعش» تبعاً لارتكاباته الانكفائية وعدم تدخله في اللحظة المناسبة لوضع حد للإجرام الأسدي خصوصاً غداة قصف الغوطة الدمشقية بالكيماوي في صيف العام 2013.. ويومها لم يكن هناك شيء اسمه «داعش»! مثلما لم تكن «النصرة» حاضرة بالزخم الذي ظهرت عليه لاحقاً!

.. يحمل كثيرون على إجرام الروس في سوريا، وعلى الأداء الوحشي والتدميري الذي يعتمدونه في موازاة تمسكهم المرضي بالأسد وبكل طاغية مثله! لكن إزاء إدارة أميركية، مثل التي يرأسها أوباما منذ 8 سنوات عجاف، يصبح ذلك التحامل ضرباً من خارج السياق وتطاولاً على المنطق.. بل ويصحّ السؤال: كيف لا يفعلون أكثر؟! وكيف لا يتابعون زحفهم المقدّس في أوكرانيا لإرجاعها في جملتها إلى بيت الطاعة الروسي تماماً ومن دون أي منغّصات؟ وكيف لا يفعّلون استفزازاتهم (الجوية) لكل دول «الناتو»؟ بل كيف لا يجهرون بتدخلهم في الانتخابات الرئاسية الأميركية وبتأييدهم لـ«مرشحهم» دونالد ترامب؟!

.. وكثيرون في هذه الدنيا لا تفارقهم القناعة بأن كل جريمة إرهابية تحصل في أوروبا ليست سوى صدى لمناخات النكبة السورية التي نمت وتصاعدت في ظل رعاية لصيقة من ذلك «النخبوي» الجالس في البيت الأبيض! وبعدها نلوم الروس والإيرانيين.. وإرهاب «داعش»؟!