Site icon IMLebanon

أوباما والأسد، من التنحّي إلى التعايش

وقت تواجه روسيا وايران، الدولتان الاكثر محورية لبقاء نظام بشار الاسد في السلطة، تحديات اقتصادية هائلة نتيجة انهيار اسعار النفط، الامر الذي يمكن ان يرغمهما على خفض دعمهما لدمشق، تبين مختلف المؤشرات في واشنطن ان ادارة الرئيس باراك اوباما، تتراجع ببطء وهدوء ولكن بوضوح عن مواقفها الاولية التي كانت تصر على ضرورة تنحي الرئيس الاسد عن ال سلطة بعد انتهاء العملية السياسية الانتقالية، وعلى ان لا مكان للاسد في مستقبل سوريا. المسؤولون الاميركيون يقولون ان واشنطن تؤيد “أي شيء” يمكن ان يؤدي الى حل سياسي للحرب في سوريا، بما في ذلك دعم مؤتمر موسكو الذي اعلنت مختلف قوى المعارضة “المعتدلة” انها لن تشارك فيه.

مطالبة الاسد بالتنحي، غابت عن تصريحات كبار المسؤولين الاميركيين اخيرا، لان اولويات واشنطن في العراق هي مواجهة “داعش”، ودعم الحكومة المركزية في بغداد، والاكراد في الشمال، اما في سوريا فهي التصدي للتنظيم المتطرف، وخصوصا منعه من احتلال المدينة الكردية كوباني، وعدم التصدي لقوات الاسد. وهناك تنسيق ضمني مع ايران وسوريا يتم عبر المسؤولين العراقيين الذين يحملون الرسائل بين مختلف الاطراف. وكما تتقاسم طائرات الائتلاف الدولي بين وقت وآخر اجواء العراق مع الطائرات الايرانية، فانها تتقاسم الاجواء السورية مع سلاح الجو السوري.

اعلان واشنطن الاخير عن تخصيص الاموال وارسال مئات المدربين الى قواعد في السعودية وقطر وتركيا لتدريب بضعة آلاف من افراد المعارضة السورية المعتدلة، يؤكد “التوجه السلمي” لادارة اوباما وليس العكس. ففي خطابه عن حال الاتحاد، قال اوباما ان تدريب المعارضة السورية هدفه “ان تساعدنا” على مواجهة “داعش”، متفاديا حتى الاشارة الى نظام الاسد. وقالت وزارة الدفاع ان هناك ثلاثة اهداف لبرنامج التدريب الذي سيبدأ في الربيع: الدفاع عن مناطق المعارضة ضد “داعش”، على ان تتولى هذه القوى لاحقا شن الهجمات على هذا التنظيم، وان تدفع في نهاية المطاف الى حل سياسي للحرب. في هذا السيناريو الاميركي للمعارضة المعتدلة، لا مكان لمواجهة نظام الاسد، الذي يبدو ان واشنطن قد اقنعت نفسها اخيرا بأن سقوطه سيؤدي الى انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية، وشيوع الفوضى الشاملة الامر الذي سيخدم اهداف تنظيمات مثل “داعش”، و”جبهة النصرة”.

وهناك قلق في أوساط المعارضة غير الاسلامية، من ان تؤدي بعض طروحات الامم المتحدة الى “تجميد” القتال في بعض المناطق (حلب على سبيل المثال)، أو طروحات روسيا حول “مشاركة” بعض فصائل المعارضة في السلطة، الى احداث انقسامات عميقة في أوساط المعارضة التي تعاني اصلا التفكك.