IMLebanon

أوباما.. والجرائم الموصوفة التي ارتكبها بحق سوريا

منذ أن فاز ترامب بمنصب رئاسة جمهورية الولايات المتحدة، ومنذ أن أصيب العالم بأسره بنوبة الاهتزاز والهلع التي أعقبت ذلك الفوز، أصبح بالإمكان تلمّس الأضرار الفادحة التي تسبب بها الرئيس أوباما المنتهية ولايته، سواء على الصعيد الدولي والأممي الشامل، أم على صعيد الولايات المتحدة نفسها، وهي أضرار تراكمية حصلت خلال ولايتي حكمه المشؤوم وتطورت وتضاعفت أضرارها وأخطارها إلى الحدّ الذي باتت فيه ملموسة على مدى العالم بأسره، وصولا إلى ما باتت عليه أوضاعنا في هذه المنطقة، التي بعد أن دمّرها الانسحاب الأوبامي من العالم، مشيرين بشكل خاص إلى الوضع السوري المأساوي الذي أخفى فيه أوباما عن شعبه وعن نفسه عمليات القتل والتدمير واستعمال الأسلحة الكيماوية والتي يتشارك فيها حالياً مع روسيا وإيران وملحقاتهما، في حصد نتائجها اللاإنسانية الممزوجة بتراب الأوطان ودماء أبنائها ومصائر وجودها وديمومتها.

حتى إذا ما استدرنا في المتابعة والحكم على ظاهر الأوضاع وبواطنها في سائر أنحاء العالم بدءا من الولايات المتحدة نفسها، يتبين لنا كيف أن أوباما وخليفته ترامب قد أزكيا أوضاع التناقض والتناهض وتقسيم المجتمع الأميركي بشكل واضح وخطير إلى جملة من الكتل المتخاصمة، متعددة العقائد والاتجاهات والانتماءات، وهي أوضاع موجودة أصلا في تركيبة البنيان الأميركي، ولكن سوء الرؤية الأوبامية ونظرته العوراء إليها قد أوقدت فيها نيرانا بدأت سلبياتها تظهر من خلال مصيبتها المستجدة في انتخاب ذلك الرجل الذي لا يحتاج أحد إلى أي جهد لاكتشاف حقيقة طاقاته الفكرية والقيادية ووعيه لحقيقة الأوضاع الداخلية والدولية، وعجزه الشخصي عن تصوّر وابتداع أية حلول واقعية ومنطقية لها، وبات على الجميع انتظار استكمال تحديد وتعيين مساعديه ومستشاريه ومحتلي المواقع المفصلية في تركيبة حكمه المقبل، ليستنتجوا حصيلة التوجهات العامة التي ستسير على ضوئها، سياسة أهم وأعتى دولة في العالم، مع تحفظ لا بد منه يذهب فيه المراقبون إلى توقع مصادمات بين الانقسامات الأميركية وعبر شروخها العمودية التي باتت واضحة على مدى كامل مساحة الولايات المتحدة، وعلى ضوء الانقلابات المتوقعة في مجمل سياساتها، وبعضها القليل، قد يرضي بلدان هذه المنطقة نتيجة لتغيّر النظرة والسياسة والموقف الأميركي، سلبيا، تجاه إيران، وإيجابيا، تجاه روسيا، من دون أن نغفل المواقف المتوقعة المقبلة في العلاقات ما بين المارد الحالي واللاحق، والصاعد بسرعة صاروخية لمنافسة الولايات المتحدة على جوانب أساسية من مواقع القيادة العليا والأهم، لسياسات الأوضاع العسكرية والأمنية والتكنولوجية في العالم.

ومن دون أن نغفل أيضا، المواقف السلبية المتوقعة في سياسات ترامب تجاه العالم العربي والإسلامي، خاصة إذا كان عنوانها يتمثل، بصهر ترامب، وهو يهودي ينتمي إلى أقصى اليمين الإسرائيلي المتطرّف، ووريث لملياردير يهودي متعصب لإسرائيليته، وهذا الصهر العزيز هو الممثل المقترح من قبل ترامب لقيادة مفاوضات يريدها الرئيس المستجد، مدخلا لحلّ القضية الفلسطينية! وأسوأ ما فيها، تلك التوقعات بأن أي حل مقبل سيكون على شاكلة الصهر العزيز، وانتماءاته وتوجهاته.

وبانتظار أن تستقر البوصلة السياسية الأميركية على نقاط محددة متعلقة بسياسات الولايات المتحدة في المنطقة وحقيقة الموقف الأميركي الذي ستستقر عليه توجهاته خاصة بالنسبة للمعضلات المتشابكة والمترابطة مع الطموحات الثورية والاستعمارية والمذهبية السائدة حاليا في إيران، محددين في ذلك وضعيات تزداد حدّة وخطورة، ويزداد التآمر الدولي والإقليمي من حولها، عنينا منها قضايا سوريا واليمن والعراق ولبنان وما تيسر من الحواشي المرتبطة بهذه القضايا، وفي الانتظار نضع أنفسنا في مراكز العناية الفائقة حيث أن الوضع العربي عموما ليس إطلاقا في أحسن أحواله، وهو يخفي من الخلافات والمناكفات والمشاكسات أكثر مما يعلن عن أحوال إيجابية تطمئن شعوب هذه المنطقة على أحوالها ومستقبل أوضاعها، ولعل أكثر النقاط بروزا في هذا الإطار تلك المواجهات المكبوتة القائمة ما بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر، وفيها من المكنونات السلبية ما يكفي لإطلاق آلاف صفارات الإنذار الداعية إلى التنبه واليقظة الشديدة تجاه الكميات الهائلة من المخاطر المستجدة والتي أطلقت مجالات التخوّف على مصائر بلداننا وأوطاننا، وسط متغيّرات دولية قائمة ومتوقعة، بدأ اليمين المتطرّف فيها يلقي بشباكه بقربنا، بل وفي عقر دارنا، وقد انطلق ذلك كله من نقطة أساسية بدأت في سوريا وبطلها الهمّام الرئيس الراحل عن الحكم أوباما، مفسحا في المجال أمام إدخال الدّب الروسي في صلب صراعاتها وإعطائه مجالات واسعة للتحكم والتصلّب والدخول العسكري إليها كلاعب رئيسي بات يفرض شروطه وتحقيق استراتيجياته وطموحاته الاستعمارية على أرجاء واسعة من هذا الوطن العربي المنكوب.

وقد بدأ الانتقاد الشديد لسياسات ذلك الراحل أوباما، حيث بدأت الولايات المتحدة خاصة، تشهد هبوب عواصف صغيرة مرشحة لأن تكبُرَ وتتطور، متسائلة: ماذا فعلت يا أوباما بالولايات المتحدة ولماذا تسببت في تقزيم هيبتها إلى حد تكاد فيه أن تنزل من القطار الكبير الذي احتواها منذ زمن بعيد كمتزعمة على بلاد العالم وها هو ترامب، يكاد أن ينزل بها إلى مزيد من التدحرج السريع؟