يصل باراك أوباما الى عالم خليجي مختلف، القمة التي ستجمعه اليوم مع خادم الحرمين الشريفين في الرياض، وتلك التي تليها غداً مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، تشكلان بداية نمط مختلف من علاقة أكثر توازناً، بعد التطورات الحاسمة التي حصلت في المنطقة، منذ قمة كمب ديفيد في أيار من العام الماضي، التي تغيّب عنها الملك سلمان، تاركاً أوباما غارقاً في التهافت الواهم على الإتفاق النووي مع ايران.
لن يكون أوباما في حاجة الى توضيح حديثه الى مجلة “ذي أتلانتيك”، وخصوصاً حديثه عن ذلك “الراكب المجاني”، الذي بيّن انه ليس محتاجاً الى شعارات جوفاء تسمي الخليجيين “حلفاء” وتتعامل مع خصومهم الإيرانيين، وان الافضل الحديث عن “الشركاء” الذين أعادوا كتابة التوازنات الإستراتيجية في المنطقة، وأكدوا ما سبق ان كرره أوباما من انهم في مقدم الذين نجحوا في مكافحة الإرهاب.
لن يتمكن أوباما في ما يتبقى له في البيت الأبيض من ان يصحح أوهامه الإيرانية، لكنه يستطيع ان يترك درساً مفيداً عن الخيبة، يستفيد منه خلفه، ربما لهذا سبقه وزير دفاعه آشتون كارتر الى المنطقة ليقول لجنوده في أبو ظبي: “ان وجودكم هنا جزء من منظومة الردع في مواجهة ايران”، في حين كان البيت الأبيض يعلن ” ان ايران تتصدر قائمة داعمي الإرهاب ومارست الإرهاب لجيل كامل، وقد ابلغناها قلقنا من نشاطاتها الإرهابية ودعمها الإرهاب في أنحاء العالم”!
وزير الدفاع الاميركي السابق تشاك هاغل شدد في حديثه الى “الشرق الاوسط” الاثنين على أهمية القمة الأميركية – السعودية، ووجه نصيحة الى أوباما مفادها “ان العلاقة الإستراتيجية بين أميركا والسعودية أمر أساسي جداً لمستقبل الشرق الأوسط، فالتكامل بين مؤسساتنا أمر حاسم للدفاع عن المنطقة وأمنها، والسعودية دولة رئيسية في المنطقة وهي تتزعم دول مجلس التعاون الخليجي لهذا يجب ان تكون جزءاً من العلاقات الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة”.
صحيح ان مستشار أوباما روب مالي قال عشية القمة “ستسمعون المزيد الذي سيصدر عن القمة، ثمة اتفاقات تم التوصل اليها لزيادة تعاوننا في مكافحة الإرهاب ونقل قدرات دفاع حيوية وتعزيز الدفاع الصاروخي الى شركائنا في مجلس التعاون الخليجي والتصدي لهجمات الكترونية”، لكن الأصح ان أوباما يصل الى خليج مختلف وعلى وقع سياسة جديدة تعيد التوازن الاستراتيجي على المستوى الاقليمي وترسي تحالفات قوية على المستوى القاري والدولي. هل عرف أوباما انه في وجود أميركا وغيابها ليست “عاصفة الحزم” عملية عسكرية لدعم الشرعية اليمنية في وجه الإنقلابيين وحماتهم فحسب، بل هي قرار إستراتيجي يحمي المنطقة وينهي التدخلات التخريبية فيها، ويقدم حليفاً وشريكاً دولياً قوياً من عشرين دولة قالت في “رعد الشمال”: كفى نحن هنا.