IMLebanon

رهان أوباما العدمي  على بوتين العملي

جولة أخرى من جنيف – ٣ انتهت رسمياً من دون أن تبدأ عملياً. ولا شيء يوحي ان قواعد اللعبة مرشحة للتبدل في الموعد المقترح لجولة جديدة. فالمحادثات غير المباشرة عبر الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا لا تزال بعيدة من ان تصبح مفاوضات. والأسباب التي دفعت وفد الهيئة التفاوضية العليا الى تعليق المشاركة بقيت من دون معالجة، وسط حرص روسيا على الايحاء ان المحادثات مستمرة عبر لقاءات الموفد الدولي مع وفد النظام وعدد من وفود المعارضين. والترابط كامل بين الخلاف على طبيعة الانتقال السياسي، لا فقط دور الرئيس بشار الأسد، وبين انهيار الهدنة الجزئية التي فرضها اتفاق روسي – أميركي.

وليس أمام دي ميستورا سوى الاستنجاد بمجلس الأمن للمساعدة في إحياء الحد الأدنى من وقف الأعمال العدائية وابقاء التسوية السياسية على الطاولة. وليس لدى مجلس الأمن سوى الرهان على تفاهم واشنطن وموسكو. وليس في واشنطن وموسكو تصور واحد للحل السياسي. ولا موقف واحد من وظيفة داعش وحسابات المعارك في حرب سوريا. ولا قراءات متطابقة في الاولويات لدى الاطراف المحلية والقوى الاقليمية المنخرطة في الصراع.

ذلك ان الرئيس باراك اوباما يعلن انه لا تسوية بلا روسيا من دون ان يكتم رهانه على دور الرئيس فلاديمير بوتين وخلافه معه على مصير الاسد، ويوحي احيانا انه لا يعرف ما الذي يدور في ذهن نظيره الروسي. وبوتين تحدث علناً عن سلسلة اهداف لبلاده من الدخول العسكري في حرب سوريا، وترك للهمس في الكواليس ما يريده من اميركا واوروبا في اوكرانيا لتذليل المصاعب في سوريا.

ولا شيء يغري اوباما بتغيير موقفه العدمي فهو يقول اليوم لحلفائه ما قاله لهم ولمعاونيه في الادارة قبل خمس سنوات، اي: درست كل الخيارات فلم اجد خيارا جيدا. وهو، فوق التقليل من اهمية الشرق الاوسط في حسابات المصالح الحيوية الاميركية، يرى ان الغالب في سوريا سيرث بلدا مدمرا يحتاج الى مئات المليارات من الدولارات وعشرات السنين لاعادة اعماره.

وكل شيء يغري بوتين بالثبات على موقفه. فهو حقق اهدافا استراتيجية فارضا على اميركا مطلبا كان يلح عليه، هو ان تعامل روسيا على قدم المساواة. وحقق اهدافا جيوسياسية في وضع سوريا وجيواقتصادية في اطار النفط والغاز. وهو ليس مستعجلا، بصرف النظر عن الانطباع السائد انه يريد تسوية ما قبل ان يغادر اوباما البيت الابيض.

ودي ميستورا على مهله في مهمة مستحيلة.