بريطانيا وألمانيا تخرجان، بعد فرنسا عقب تفجيرات باريس، من التحفظ عن ضرب داعش في سوريا. ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند يرى ان بلاده قادرة على إحداث فارق في حملة التحالف الذي يضم ستين دولة. لكن الفارق المفترض في حرب جوية يعترف أصحابها بأنها عاجزة عن القضاء على داعش من دون قوات برية، هو تراكم كمّي لا تغيير نوعي. وما ينطبق على القصف الأميركي والأوروبي ينطبق على القصف الروسي، بصرف النظر عن كون موسكو فعلت في شهر أكثر مما فعلته واشنطن في سنة. فالكل يستبعد ارسال قوات برية للمشاركة في إخراج داعش من الأرض التي سيطر عليها. والدعوات الى محاربة داعش بقوات برية من دول اقليمية سنّية كأفضل وسيلة لانهاء التنظيم الارهابي تصطدم بتعقيدات وصراع أولويات ورفض في بغداد ودمشق. وأقصى ما طلبته أميركا من تركيا المرشحة الأولى لاستخدام جيشها في القتال البرّي هو أن تكمل إغلاق حدودها مع سوريا لقطع الإمداد عن داعش.
واذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في بلغراد يتحدث عن دور روسي بنّاء، فان الرئيس باراك اوباما يراهن على تحولات في حسابات الروس. متى؟ خلال الأشهر المقبلة، لا خلال الأسابيع المقبلة، فهم استثمروا الكثير خلال السنوات الأخيرة لابقاء الاسد في السلطة، ووجودهم هناك مصمم لدعمه. وعلى أي أساس يقرأ اوباما، أفكار الرئيس فلاديمير بوتين؟ على أساس ان السيد بوتين يفهم، نظراً لتجربة افغانستان، ان تورطه في نزاع أهلي نتيجته غير محسومة، وليس هذا هو الهدف الذي يرغب في تحقيقه.
وبكللام آخر، فان اوباما يمارس سياسته على طريقة من يجلس على حافة النهر منتظراً أن يحمل له جثة عدوه حسب المثل الصيني. اذ هو واثق من ثلاثة امور. أولها ان روسيا ستوافق في النهاية على رحيل الاسد لترتيب التسوية السياسية. وثانيها ان روسيا سوف تدرك في النهاية ان خطر داعش عليها هو الاكثر فداحة، ولا بد من التحالف مع الذين يحاربون داعش. والثالث هو ان اميركا ستكون مع الطرف الفائز في النهاية.
ولا احد يعرف اين يبدأ الواقع واين ينتهي الخيال في تبصير اوباما في فنجان بوتين السوري. فرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يقول ان الخلاف مع روسيا حول مستقبل الاسد آخذ في التقلص. والرئيس بوتين يؤكد انه لا احد يمكنه او يحق له ان يفرض من الخارج على الشعب السوري شكل الحكم لدولته ومن يتولى قيادتها. ونحن لا نطعن شركاءنا من الخلف.