الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يطير من عاصمة الى أخرى ويهرول من اجتماع الى آخر في سباق مع الزمن ليضمن بدء التفاوض على تسوية سياسية في سوريا. وهو يراهن على اجتماع وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في زيوريخ يوم ٢٠ كانون الثاني لإزالة العقبات من أمام الافتتاح الاستعراضي للتفاوض في الموعد المحدد يوم ٢٥ كانون الثاني. وكلما التقى الثنائي كيري – لافروف فإن الوزير الأميركي هو الذي يقترب من موقف الوزير الروسي.
إذ ليس لدى واشنطن سوى الرهان على دور موسكو في العمل معاً على خلق دينامية للتسوية السياسية في سوريا وسط دينامية الحرب القوية. وليس في امكان واشنطن وموسكو تجاهل أدوار القوى الاقليمية التي تعمل من خلال الأطراف المحلية. فلا حرب سوريا هي بين السوريين وحدهم. ولا التسوية السياسية مرشحة لأن تكون بين السوريين وحدهم، بصرف النظر عن القول، من باب الخداع المحلي والاقليمي والدولي المشترك، ان الحل سوري – سوري بقيادة سوريين.
ذلك ان الرئيس باراك أوباما يبني موقفه على تصور للقراءة في أفكار الرئيس فلاديمير بوتين. فهو، حسب شهادات من أركان في ادارته جمعها فرد كابلان في تحقيق نشرته فورين أفيرز، قال في مجلس الأمن القومي بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا: لا تضعوا التدخل في اطار الحرب الباردة. لسنا في حرب مع روسيا حول سوريا. ومصالح بوتين الحيوية مرتبطة بسياساته الداخلية. وهو يرى أن من مصلحة بوتين العمل لتسوية سياسية في سوريا هي استراتيجية خروج له خوفاً من الدخول في مستنقع اذا طالت العملية العسكرية الروسية.
لكن السؤال هو: ماذا لو كانت هذه القراءة خاطئة ومتسرعة؟ هل يشعر بوتين فعلاً بأنه مهدد بالدخول في مستنقع يشبه تجربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان أم ان دخوله في حرب سوريا أعاد لموسكو دورها الدولي وجعلها مركز الاتصال الروسي المفتوح على الجميع بعدما دخلت في شبه عزلة بعد مغامرة أوكرانيا؟
الواقع أن بوتين قال ولا يزال يقول أشياء مختلفة عن أهدافه في سوريا وأهدافه من المشاركة في الحرب. من حماية النظام الى حماية المواطنين الروس من الارهاب. ومن تحديد أشهر للخروج الى ترك العملية العسكرية مفتوحة الى أطول وقت ممكن، بحيث يتم ترتيب تسوية سياسية عمادها صوغ دستور جديد ثم اجراء انتخابات نيابية ورئاسية باشراف دولي. وهو أصلاً ضابط مخابرات مدرب على ارسال رسائل حمالة أوجه الى الحلفاء والخصوم والذين بين بين بحيث يبقيهم حائرين بالنسبة الى معرفة أهدافه الفعلية.