Site icon IMLebanon

أوباما والكونغرس زجاج مكسور!

في النهاية هذه أميركا وليست أحدى جمهوريات الموز أو واحدة من دول المساخر المنتشرة في مناطق كثيرة من العالم في مقدمها الشرق الأوسط البائس. أقول هذا لأنه مهما بلغت الخلافات السياسية بين البيت الابيض والكونغرس فمن غير المتوقع او المألوف ان يقع هذا التراشق بالاتهامات بين الطرفين.

ليس قليلاً ان يعتبر باراك أوباما ان تصرفات نصف اعضاء الكونغرس تقريباً وبينهم مرشحون محتملون لخلافته في الرئآسة مثل ميتش ماكونيل وراند بول وماركو روبيو وتيد كروز “تثير السخرية”، وليس منطقياً ان يصل الأمر بنائبه جو بايدن الى إتهام هؤلاء بالقيام بتضليل خطير وبتصرفات لا تليق برجال الكونغرس وبقلة الشرف!

كل ذلك لأن ٤٧ سيناتوراً جمهورياً وجّهوا رسالة الى ايران تحذّر من توقيع إتفاق مع إدارة اوباما قد يسقطه الرئيس المقبل والكونغرس “بجرة قلم”، لأن الكونغرس وحده يملك سلطة رفع العقوبات المفروضة على ايران التي صدرت على شكل قوانين في الاعوام الماضية، وان أي اتفاق لا يقبله الكونغرس هو مجرد إتفاق تنفيذي قابل للتعديل وأوباما سيذهب في أول ٢٠١٧ وهم باقون الى ٢٠١٩.

جاءت هذه الرسالة في وقت دقيق وعلى حافة توقيع الاتفاق، وقبيل عودة جون كيري الى اللقاء مجدداً مع محمد جواد ظريف الأحد المقبل، وهي تأتي أيضاً بعدما سمح أعضاء في الكونغرس من جمهوريين وديموقراطيين ايضاً، بتحطيم هيبة اوباما عندما دعوا بنيامين نتنياهو الى إلقاء خطاب في الكونغرس على رغم إرادة البيت الأبيض، بما يعني تالياً احتدام معركة سياسية وقانونية على الصلاحيات بين البيت الأبيض والكونغرس، في موضوع حسّاس سيشكّل موضوعاً محورياً في الانتخابات الاميركية المقبلة التي يلعب فيها الصوت اليهودي دوراً مؤثراً كما هو معروف.

رسالة الكونغرس الى ايران ستزيد التعقيدات التي تواجه الاتفاق في اللحظة الاخيرة لكنها لن تثني اوباما عن المضي قدماً في هذه الطريق الشوكية، بعدما سُدّت أبواب النجاح أمام كل سياساته الخارجية، ولكن لن يكون سهلاً على أي رئيس جديد ان يسقط الاتفاق، الذي تشارك فيه خمس دول أخرى، على رغم وجود تحفظات فرنسية صريحة ومعلنة عن الاتفاق قد تصل الى حد رفض توقيعه.

محمد جواد ظريف اعتبر ان لا قيمة للرسالة لأنه بموجب القانون الدولي لا يستطيع الكونغرس إسقاط الاتفاق بعد إبرامه، ولكن مهما يكن من أمر من الواضح ان أوباما يواجه سنتين من الزجاج المكسور مع الكونغرس، إلا أن اللغة التي تستعمل الآن غير معهودة في تاريخ الخلافات السياسية الأميركية.

حتى مع فضيحة ووترغيت لم يُقل عن ريتشارد نيكسون إنه قليل الشرف، ولعل من المضحك ان البيت الأبيض يتّهم الجمهوريين بالتواصل مع الخط المتشدد في طهران!