IMLebanon

أوباما أخرج الأرنب الكوبي لتعويم خسائره هل يكون الملف الإيراني الإنجاز الثاني؟

كمن أخرج أرنباً من كمّيه، أعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما تحولا تاريخيا يطوي أكثر من 50 سنة من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وكوبا عبر فتح صفحة جديدة بينهما. والكلام على إخراج أرنب كما يفعل السحَرة تربطه مصادر ديبلوماسية بواقع ان الرئيس الاميركي، الذي فقد حزبه الاكثرية في الكونغرس لمصلحة الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني المنصرم، بدا على عتبة مواجهة صعوبات في تحقيق إنجازات في السياسة الخارجية في ظل تركيزه في شكل أساسي على إيجاد حلول للملف النووي الايراني الذي أراده الانجاز الأهم خلال ولايتيه مع ما يحتمل ان يؤدي اليه إنهاء القطيعة مع إيران منذ انطلاق الثورة الاسلامية العام 1979. وفي ظلّ توقعات واسعة النطاق من ان الرئيس أوباما قد يكون تحوّل على نحو مبكر الى بطة عرجاء، وهي التسمية التي تطلق على الرؤساء الاميركيين مع اقتراب نهاية ولايتهم، مع كونغرس جمهوري يقف له بالمرصاد في موضوع المفاوضات مع إيران، فأخرج ورقة طي صفحة العداء الاميركي مع كوبا في خطوة متصلة بالسياسة الخارجية ترتبط بصلاحياته فقط من دون الحاجة الى الكونغرس، علماً انه أعلنها قبل تسلم الكونغرس الجديد أعماله مع مطلع السنة الجديدة. وتالياً فان إنجاز ولايتيه الذي كان يسعى اليه أوباما عبر اتفاق مع إيران انتقل به الى كوبا على نحو يثير تساؤلات اذا كان تحقيق هذا الانجاز قد يجعله أقل سعياً الى إنجاز آخر مع إيران يعيدها به الى المجتمع الدولي ويضبط طموحها النووي. اذ لا يمكن إنكار ان إعلانه نهاية حقبة العداء مع كوبا المستمرة منذ وصول فيديل كاسترو الى السلطة عام 1959، وسجلت خلالها إحدى أبرز الأزمات في ما عرف بأزمة خليج الخنازير وأزمة الصواريخ الكوبية التي كادت تؤدي الى حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عام 1962، هو ضربة معلم من شأنها أن تعيد إليه بعض الصدقية التي لم يستطع انتزاعها من دول حليفة وصديقة في أسلوب تعاطيه في ملفات السياسة الخارجية إن في أوكرانيا أو في دول الشرق الأوسط.

تقول المصادر المعنية إن الإنجاز المفاجئ الذي حققه أوباما في ظلّ ترقب داخلي وخارجي لانصرافه في الفترة المقبلة الى ملفات أميركية داخلية لا يلغي سعيه الى إنجاز مماثل مع إيران، لكن من دون أن يعني ذلك في الوقت نفسه أن الضغوط التي كان يشعر بها من أجل تحقيق إنجاز أو خرق في الملف الإيراني بهدف تسجيل انتصارات تاريخية تدخّله التاريخ لن تكون أقل مما كانت عليه قبل أشهر. فهو من دون شك سيسعى الى إضافة حلحلة الموضوع الإيراني الى إنجازاته بناء على محاولة تعميم واقع أنه بمقارباته الديبلوماسية يستطيع تحقيق نتائج مهمة على ما فعل في موضوع كوبا وما يفعل في موضوع إيران، في وقت لا يخشى أيضاً الذهاب الى الحرب كما يفعل بالنسبة الى إنشائه تحالفاً دولياً من أجل محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وإيران قد تشعر بارتياح للمقاربة التي خاضها أوباما في موضوع كوبا باعتبار أنها قد تسجل لمصلحته أنه صادق في إنهاء حال العداء التاريخي ويمكن أن تخدم الصورة الجديدة عنه فيستفيد منها التيار غير المتشدد في إيران. كما أن هذه الأخيرة قد تشعر بقلق من استنفار الكونغرس الأميركي حيال مبادرة أوباما في اتجاه كوبا من أجل محاولة الالتفاف على خطوات مماثلة في موضوع إيران في حال أراد أوباما الذهاب الى اتفاق قد لا يراه الكونغرس مناسباً من أجل السماح برفع العقوبات عن طهران. إلا أن خطوة فتح الولايات المتحدة صفحة جديدة مع كوبا، على رغم أن العلاقات بين البلدين شهدت تخفيفاً للحدة قبل أعوام قليلة، قد لقيت ترحيباً دولياً سريعاً وكبيراً على رغم ندرة الخطوات الدولية التي اتخذها أوباما ولقيت ردود فعل مماثلة، الأمر الذي قد يساهم في لجم الانتقادات الشديدة التي أبداها أعضاء في الكونغرس اعتراضاً على ما أقدم عليه أوباما على رغم أن ذلك قد يترك مفاعيل داخلية على صعيد التنافس الحزبي في الانتخابات المقبلة.