ساعتان من النقاش في القمة التي جمعت الملك سلمان والرئيس أوباما، لعلها أطول القمم وأصعبها وأهمها. ان الحديث عن تاريخية هذه القمة لا علاقة له بكونها قمة وداعية لأوباما الذي سيترك البيت الابيض، بل لأن تاريخيتها ستبقى مرتبطة دائماً بكونها أرست تاريخاً جديداً ومختلفاً لطبيعة العلاقات بين البلدين ولمناخ القمم بين زعمائهما.
كان الملك سلمان في مطار الرياض واستقبل زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن عندما وصل اوباما لم يجد في استقباله سوى أمير الرياض فيصل بن بندر ووزير الخارجية عادل الجبير، كانت هذه رسالة واضحة وصريحة من البداية:
لا نحن لسنا ذلك “الراكب المجاني” الذي تحدثت عنه الى مجلة “the atlantic”، والشرق الأوسط ليس بلا جدوى لا، والمملكة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي”، لم تعد المكان الملائم لتسويق الأحابيل، ان تهذيبنا ولياقتنا واصالتنا لم تعد تهضم كثيراً هذه التناقضات المتعمدة والخادعة، كأن يعلن بيتكم الأبيض اليوم ان ايران تتصدر قائمة الإرهاب ولها تاريخها الطويل في دعم النشاطات الإرهابية، وان تتهافت يا سيادة الرئيس عليها وتتفق معها وتتعامى عن عربدتها في المنطقة. تريدون ايران اذهبوا واستمعوا الى هتافات “الموت لأميركا” تستقبلكم!
كان من المعيب اتّهام حلفاء أميركا الخليجيين بأنهم يريدون جرّها الى صراعات طائفية طاحنة وهي التي تتعامى عن الذين يشعلون هذه الصراعات، ليست “المنافسة مع ايران التي أذكت الحروب بالوكالة وأشاعت الفوضى في اليمن وسوريا والعراق”، ولا نحن الذين نقول اننا نسيطر على أربع عواصم عربية، لكنكم انتم لا تسمعون ولا تتحركون، قد سلمتم العراق الى إيران وتركتم سوريا لها وللروس وطوّبتم فلسطين لإسرائيل !
نعم كما يقول الأمير تركي الفيصل أميركا تغيّرت في نظر الخليجيين وتغيّر الخليجيون أنفسهم وهذا شيء إيجابي، وهو ما يجعل القمة بين سلمان وأوباما تاريخية لأنها سترسي تاريخاً جديداً ومختلفاً تغيّر كيمياء العلاقات بين البلدين، فبدل الاعتماد على أوهام التحالف لتبدأ الشركة الكاملة. نحن أقوياء ونعيد إرساء التوازن الاستراتيجي في المنطقة، بما يتماشى مع القواعد الجيوسياسية للقوى الفاعلة في الإقليم وأبعد من الإقليم.
ان محاولة الجمهوريين في الكونغرس التخريب على أوباما عشية زيارته للرياض، مسألة مناورة انتخابية يقف وراءها المرشح تيد كروز واللوبي الايراني الناشط كما يعرف أوباما، وهي محاولات مشبوهة تتكرر مرة جديدة، عبر محاولة لربط السعودية بعملية هجمات “القاعدة” على نيويورك عام ٢٠٠١. لكن المسألة لن تمرّ ليس لأن المملكة تشن حرباً لا هوادة فيها على “القاعدة” التي استهدفتها بعمليات إرهابية كثيرة قبل عام ٢٠٠٢ وبعده، ولأنه منذ عام ٢٠٠٣ طالب الأمير الراحل سعود الفيصل بنشر فحوى الإتهامات لدحضها وتوضيحها، لكن محاولات الابتزاز والتشويه استمرت!