لماذا يدلي وزير الدفاع الأميركي بتصريح مقتضب جداً وغريب جداً ولا يمكن إيجاد أي ترجمة سياسية أو عسكرية لمضمونه الذي يناقض الواقع؟
فجأة يقول آشتون كارتر ان أميركا ستنفق ٣,٤ مليارات دولار في موازنة السنة المقبلة لمواجهة “العدوان الروسي” وتقوية الحضور الأميركي في بلدان اوروبا الشرقية، “نحن نعزّز حضورنا في حلف شمال الأطلسي لمواجهة عدوان موسكو”!
غريب هذا الكلام عن “العدوان” الروسي، في وقت يكاد جون كيري ينام في سرير سياسي واحد مع سيرغي لافروف، وليس المقصود هنا السرير السوري فحسب، بل كل الأسرة في القرم وأوكرانيا، لكأن الرأي العام يغفل عن ان أوباما بدأ تسليم الأختام الأميركية الى فلاديمير بوتين في القرم قبل سوريا!
أولم يبتلع الدب الروسي القرم، ثم أولا يتدخل في أوكرانيا، أوليست هناك محاولات واضحة لمدّ براثنه الى بولونيا وربما غيرها من دول أوروبا الشرقية التي التحقت بالأطلسية وليس في اطلسية أوباما غير الصدمات؟
ثم على من يضحك كارتر عندما يتحدث عن ٣,٤ مليارات لمواجهة “العدوان الروسي”، لكأن القصة قصة فلوس لا قصة نفوس، وفي أي حال هذه قبضة مضحكة من الدولارات لمواجهة سياسات بوتين الإقتحامية عندما يمضي في دفع الأميركيين والأوروبيين الى الجدار من أوكرانيا الى سوريا!
كل ما قاله باراك أوباما في الأعوام الأربعة الأخيرة يذكرني بقول لينين يوماً “إعطِ الأميركيين ما يكفي من الحبال في أفريقيا وهم كفيلون شنق أنفسهم”، والواضح تماماً ان اوباما قرر إعطاء الروس ما يكفي من الحبال في القرم وأوكرانيا وسوريا وربما غيرها على أمل ان يقدموا في النهاية على شنق أنفسهم، أولم يقل قبل أسابيع إن بوتين ينفذ سياسة خارجية إقتحامية ستضع اقتصاد روسيا على الأرض ؟
والسؤال المضحك: اذا كانت هذه المليارات الـ٣,٤ تساوي أربعة أضعاف ما كان يخصص لهذه الموازنة في الأعوام الأربعة الأخيرة، يوم كان أوباما أشبه ببطة عرجاء في مواجهة تحديات بوتين، فماذا عدا مما بدا وهو في سنته الأخيرة في البيت الأبيض، التي ستجعله بالتأكيد بطة عمياء وعرجاء، اولاً بسبب الإنتخابات وثانياً لأنه يحرص على ان لا يورّث سلفه ملفات معقدة وحساسة مثل مواجهة ما سمّاه وزير دفاعه “العدوان الروسي”؟
هل يجوز التساؤل عما اذا كان هذا التصريح المفاجئ يعكس جواً يعتمل داخل “البنتاغون” ووراء جدران الجنرالات، الذين لم يعجبهم كثيراً ان يقتحم بوتين القرم ويشعل النار في أوكرانيا، ثم ينزل فجأة في سوريا ويطلب منهم إخلاء الفضاء خلال نصف ساعة، في وقت يتحدث رئيسهم عن انه يقود تحالفاً من 60 دولة ضد الإرهاب؟