IMLebanon

أوباما إن أراد

لن يغيّر الاختلاف في «شرح» «اتفاق فيينا» بين إيران والدول الست الكبرى، شيئاً من صيرورة ذلك الاتفاق حكماً مبرماً. ولن يغيّر أي شيء، بما فيه المطوّلات المرتقبة في الكونغرس الأميركي، أو مزايدات المحافظين وقادة «الحرس الثوري» في طهران، أي حرف في النصّ الذي كُتب، والذي أقرّه مجلس الأمن بعد الاتحاد الأوروبي، بسرعة قياسية.

كما لن تعدِّل القراءة المتفاوتة لتداعيات ذلك الاتفاق، ولا كثرة اللغط المرافق له، شيئاً من حقائقه الثابتة، وفي رأسها انه كرّس المقايضة بين مشروع «القنبلة النووية» الإيرانية ورفع العقوبات الدولية…

لكن أحكام المنطق تستدعي بعض الاستطرادات. من نوع ان الإصرار المتبادل من فريقي الاتفاق على حصره في الشق النووي، والاعلان عن استمرار النزاع حيال كل شيء آخر تقريباً(!) يعني تلقائياً (أو يُفترض أن يعني تلقائياً) أن السياسة الإغرائية التي اعتمدها أوباما خلال مرحلة التفاوض، يجب أن تتغير تبعاً لانتهاء وظيفتها! وذلك يدفع حسابياً، الى توقّع سياسة أميركية مغايرة إزاء النكبة السورية مثلاً وأولاً وأساساً! خصوصاً وأن «المرشد» الإيراني قطع نصف المسافة من جهته، وأكد بوضوح استمرار النهج المعتمد من قبل بلاده في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين. 

والحاصل، هو ان الضجيج الصدامي المتبادل بين الطرفين يكاد يتخطى وظيفته التبريرية. وإذا كان الأمر لا يسبب الكثير من الحرج للطرف الإيراني، فإنه بالنسبة الى صاحب القرار في واشنطن يزيد من وتيرة الضغط عليه، من الداخل والخارج، كي يعطي تبريراته بعض الصدقية، أي أن يؤكد ويفعّل ما يقوله من أن الاتفاق النووي، هو نووي فقط! ولا يعني نسفاً لكل التراث المتراكم في دوائر الادارات الأميركية المتعاقبة إزاء إيران وسياساتها العدوانية والداعمة للإرهاب. ولا تسليماً لها في الملفات الحارقة في المنطقة العربية والإسلامية!

وذلك، إذا ركب المنطق على سيبة مستوية وليست ملتوية، يفترض أن يُترجم سريعاً على الأرض في سوريا قبل غيرها وأكثر من غيرها. من خلال العودة الى اعتماد مقاربة طبيعية لا يُجادل في صحتها عاقلان، تفيد بأن محاربة الارهاب «الداعشي» تستدعي ضرب القطب الجاذب لذلك الارهاب، أي بقايا سلطة بشار الأسد وارتكاباتها وفظاعاتها وكيماوياتها وجرائمها، والخروج من نكتة «تدريب» المعارضة المعتدلة الى السماح لتلك المعارضة بالحصول على أنواع محدّدة من الأسلحة، وخصوصاً تلك المضادة للطيران الحربي، ورفع الحظر عن مشروع اقامة منطقة آمنة في الشمال، وغير ذلك من التفاصيل الميدانية، الكفيلة إذا اكتملت بتقصير عمر النكبة السورية، وبناء معادلة ممكنة لمحاربة الإرهاب، شبيهة فعليًّا، بتلك التي بُنيت في العراق تحت اسم «الصحوات».

.. لكن، هل يريد أوباما ذلك أساساً، أم انه في مكان آخر؟! هل يريد تقصير عمر النكبة السورية وإنهاء الإرهاب «الداعشي» أم ان الأمر، وفق تصوراته وتصورات أركانه، سيحتاج الى سنوات طويلة؟!