IMLebanon

أوباما في كوبا :  مَن يمتحن مَن ؟

لا شيء يوحي أن هافانا تقترب من جمع الكتب الماركسية لوضعها في المتحف. فالثورة التي قادها الأخوان كاسترو وتشي غيفارا أيام الرئيس ايزنهاور لا تزال صامدة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وفي مواجهة أحد عشر رئيساً تعاقبوا على البيت الأبيض. واستمروا في حصار كوبا بعد فشل عملية خليج الخنازير. وهي، حتى في الحاجة الى الانفتاح الاقتصادي، لم تذهب الى ما ذهبت اليه الصين. واذا كان الرئيس باراك أوباما وجد ضرورة للتغيير في سياسة أميركا تجاه الجزيرة المعاندة، فإنه سيسمع من يذكره بعدما حطت طائرته في مطار خوسيه مارتي بقول الشاعر والثائر في القرن التاسع عشر خوسيه مارتي: مبدأ واحد عادل أقوى من جيش.

وليس من عادة أوباما الاعتراف بأي خطأ سياسي. فهو، كما جاء في مجلة اتلانتيك يسخر من الذين ينتقدون سياسته أو يقترحون ما يخالف تفكيره. والشيء الوحيد الذي اعترف بأنه أفضل حجة ضد سياسته الخارجية، هو الفشل في استخدام الغموض بشكل كافٍ. بما يجعل الناس تؤمن بأن هذا الشخص يمكن أن يكون مجنوناً قليلاً. لكنه كثير الانتقاد لأخطاء سواه من قادة العالم ومن الرؤساء الذين سبقوه في البيت الأبيض. اذ يقول لدينا تاريخ في ايران واندونيسيا وأميركا الوسطى. في اشارة الى الانقلابات التي رعتها واشنطن، وعلينا وضع هذا في أذهاننا حين نتحدث عن التدخل. وما يحاوله في زيارة كوبا هو تصحيح أخطاء أسلافه.

ومن الطبيعي أن يطرح أوباما مع الرئيس راوول كاسترو موضوع حقوق الانسان. وقد يسمع أو لا يسمع رداً على طريقة الوثيقة ٩ للحزب الشيوعي الصيني والتي تضع في باب التهديد للحزب تصدير القيم الكونية لحقوق الانسان. لكن المؤكد أن أوباما يثير الموضوع من أجل الداخل الأميركي، لا على أمل إحداث تغيير ما في سياسة هافانا. وباستثناء الطابع التاريخي لزيارة أول رئيس أميركي بعد ٨٨ عاماً من زيارة الرئيس كالفن كوليدج، والحاجة الى رفع الحصار بالتدرج، فإن أوباما سائح سياسي يريد تسجيل هدف في سجله الرئاسي للتاريخ.

ذلك ان رصيد أوباما في السياسة الخارجية سلبي. وكل ما استطاع أو أراد الرهان عليه من الايجابيات هو الاتفاق النووي مع ايران والانفتاح على كوبا. والمطلوب منه في هافانا تقديم امتحانات بأكثر مما يطالب الرئيس كاسترو بتقديم امتحانات. وأكبر امتحان أمامه هو معسكر غوانتانامو الذي كان اغلاقه من الشعارات التي رفعها على الطريق الى البيت الأبيض، من دون أن يتمكن من الوفاء بالوعد حتى الآن.