أسابيع حاسمة تنتظر المفاوضات بين ايران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد في المحاولة لابرام إطار اتفاق شامل حول الملف النووي قبل 24 آذار (مارس) وتسويقه ثم توقيعه رسميا قيل نهاية حزيران (يونيو) المقبل. هذا الهدف حتى برأي الادارة الاميركية الأكثر اصرارا عليه، تفوق احتمالات فشله النجاح وبشكل قد يضطر الغرب الى الاكتفاء بتمديد آخر للاتفاق المرحلي.
ما من شك في ان الوصول الى اتفاق شامل هو المحرك الاستراتيجي الأبرز لإدارة باراك اوباما في الشرق الأوسط اليوم كإنجاز سياسي ولتفادي سباق تسلح نووي في المنطقة. وهو على رغم صعوباته دفع البيت الأبيض للعمل على قنوات عدة لتفادي ضربة استباقية له. فتراجع الديموقراطيين في مجلس الشيوخ عن تبني مشروع العقوبات في الكونغرس وإمهال أوباما حتى نهاية آذار (مارس)، يعكس رغبة البيت الأبيض في عدم تفجير الخيار الديبلوماسي ولو كلّف ذلك مواجهة داخل الحزب الديموقراطي ومع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي دعاه الكونغرس لالقاء خطاب في ذكرى الثورة الإيرانية في 11 شباط (فبراير) ثم تم تأجيله الى بداية آذار وقبل أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية.
أجواء العاصمة الاميركية تطغى عليها الضبابية في موضوع الاتفاق ويجمع المعنيون والخبراء على ان فرص التوصل اليه نهاية الشهر المقبل هي ضئيلة، وان الفجوة ما زالت واسعة بين الجانبين. فضلا عن ذلك فان الضوء الأخضر لتوقيعه لن يأتي من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الذي لا يبدو قادرا اليوم حتى على القيام بنزهة مع نظيره جون كيري في جنيف من دون اثارة عاصفة في البرلمان الإيراني. وتدرك واشنطن ان فرص اي اتفاق رهن بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي رفض في الخريف الفائت شروط التفتيش من الغرب والرفع التدريجي والبطيء للعقوبات.
ويعول الغرب على فاعلية الخناق الاقتصادي على طهران وتراجع أسعار النفط كمحفز قد يدفعها الى قبول الاتفاق ويغير حسابات قيادتها. الا ان بنود هكذا اتفاق لم تتغير منذ الخريف الفائت وليس هناك مؤشرات إقليمية او دولية من القيادة الإيرانية توحي بقبولها. لا بل فان تصرف طهران على الساحة الإقليمية والتصعيد في اكثر من جبهة هو مؤشر على تصلب النظام وليس انفتاحه. وعليه، يتجه الخطاب الاميركي اكثر وأكثر نحو تسويق الاتفاق المرحلي الحالي وفتح الاحتمال لتمديده اذا تعذر الوصول الى اتفاق شامل.
ويبدو تمديد الاتفاق المرحلي الخيار الأقل سوءاً امام إدارة اوباما في حال عدم افساح خامنئي المجال امام اتفاق شامل. فالتمديد يمنح جميع الأطراف سلاح شراء الوقت، ويوفر على اوباما مواجهة عقيمة مع الكونغرس بقذف الكرة ستة أشهر الى الامام ونقض اي عقوبات جديدة قد يمررها الكونغرس بعد مهلة آذار (مارس) المرتقبة. ويحافظ التمديد على الهيكلية الحالية للعقوبات ويمنع ايران من تخصيب اليورانيوم بنسبة الـ20 في المئة، من دون هز أعمدة الثورة الإيرانية والمصالحة مع “الشيطان الأكبر”.
شراء الوقت والحفاظ على التوازن الحالي في المفاوضات النووية قد يفرض نفسه الورقة الاكثر واقعية، الا في حال حصول مفاجأة في طهران. فالجلوس على الطاولة مع واشنطن من دون تغيير شعارات الثورة او التنزه مع كيري في جنيف، يحدد السقف الإيراني في المفاوضات. هذا السقف قد يسلب اوباما إنجازا تاريخيا سعى اليه منذ اليوم الاول له في البيت الأبيض وفي أربعة رسائل الى خامنئي، بانتظار الرد الإيراني.