Site icon IMLebanon

شغف أوباما الخطير

أصدق من التوقع، هو الواقع. وفي الزحام وكثرة الكلام يضيع كثير من الكلمات الكاشفة، التي تقول كثيرا من المعاني في قليل من الكلام. ما جرى في فيينا هو: اتفاق أوباما مع خامنئي، هكذا يجب أن يوصف في «جوهر» المسألة، وليس اتفاق الدول 5+1 مع إيران، كما يجب أن يوصف بأنه اتفاق سياسي وليس اتفاقا تقنيا. والباقي مجرد تكملة للأصل ونافلة للفريضة.

الرئيس الأميركي أوباما متشرب باقتناع جارف عميق وهوس شخصي وشغف يتملكه بصحة ما يصنعه مع إيران الخمينية في المنطقة، رغم أن كل المؤشرات تقول عكس شغفه هذا. لا ندري على وجه اليقين مصدر هذا الشغف والإيمان الجارف، حتى أكثر من خامنئي نفسه الذي كان يبدو هو المتمنع طيلة سنوات أوباما حول هذه الصفقة! المهم أن ما يفعله أوباما، رغم كل سيل الدعاية والتحسين والكلام الأجوف و«المتناقض» عن حسنات الاتفاق مع إيران، ورغم جولات مبعوثيه لترويج الاتفاق في المنطقة، كل هذا مغامرة كبرى ضد مصالح أميركا قبل أن يكون ضد مصالح المنطقة.

هل يعي أوباما مخاطر سياسته؟ وهل تخلى، أو سيتخلى، الإيرانيون الخمينيون عن أساس جمهوريتهم الثورية؟ في الفقرات التالية اقتباسات آثرت نقلها وإفرادها، لتتضح الصورة، بضم الأجزاء المتباعدة بعضها إلى بعض. نقرأ:

* «لا نضمن أن تكون إيران دولة معتدلة، ولا نضمن أن توقف تدخلاتها في سوريا أو دعمها لـ(حزب الله) اللبناني».

(الرئيس الأميركي باراك أوباما مروجا لاتفاقه مع الإيرانيين).

*«قلنا مرارًا إننا لا نتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الشؤون الإقليمية أو الدولية ولا حتى القضايا الثنائية. هناك بعض الاستثناءات مثل البرنامج النووي الذي تفاوضنا عليه مع الأميركيين لخدمة مصالحنا». «إيران لن تسمح بتقويض مبادئها الثورية أو قدراتها الدفاعية».

(مرشد إيران علي خامنئي في خطبة عيد الفطر قبل أيام بطهران).

* «ما من شك في أن الاتفاق سيقود إلى علاقات أوثق مع الجيران».

(رئيس الجمهورية الإيرانية حسن روحاني، على حسابه بـ«تويتر»).

* المادة الثانية. الفقرة الخامسة: «الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار الثورة التي أحدثها الإسلام».

(دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية).

* «اعتراف أميركي رسمي بمكانة إيران الإقليمية القوية».

(الكاتب الأميركي نوح فيلدمان، المناصر لاتفاقية فيينا مع إيران، بمقال نشرته «الشرق الأوسط» نقلا عن «بلومبرغ»).

* «هناك تباطؤ واضح في خطى أوباما في ما يتعلق بالشأن السوري، ومن أسباب ذلك عدم رغبته في مواجهة الذراع الإيرانية هناك، التي تتمثل في ميليشيا (حزب الله)، حيث يعد ذلك مخاطرة قد تفسد المحادثات النووية. ولم يعد لهذا العذر وجود الآن».

(الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس، المقرب من إدارة أوباما بمقالة مروّجة لاتفاق فيينا مع إيران).

نصوص إن ضممت بعضها إلى بعض تشكلت لك صورة لا تسر الناظرين عن عمق الأزمة، وخطورة القفزة الأوبامية الشغوفة. إيران لم تتغير، واشنطن أوباما هي من تتوهم.