“أُخذوا من عائلاتهم وأصحابهم الذين يحبونهم. كانوا بيضاً وسوداً، مهاجرين أميركيين، ولدوا هنا، وأيضاً لاتينيين وآسيويين، آباء وأمهات وأولاد وفتيات… كانوا جزءاً من العائلة الأميركية”.
هذا تقريباً فحوى الخطاب الذي انتظره الأميركيون وكثيرون في العالم مساء الأحد من باراك اوباما، الذي قيل إنه سيتحدث عن جريمة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا التي نفذها سيد فاروق وزوجته، وهو من أصل باكستاني، وأوقعت ١٤ قتيلاً!
كلمات اوباما ضاعفت الإحساس بالفجيعة عند الكثيرين، فلا هي قصيدة شاعر فاشل ولا هي رسالة مندوب صحافي مبتدئ، إنها أقلّ من ذلك وهو ما دفع المرشحَين الجمهوريَين دونالد ترامب وجيب بوش الى طرح سؤال صاخب: أين هو الرئيس الأميركي؟
لكن أوباما لم يقصّر عندما أغرق الأميركيين والعالم بفيض جديد من الوعود والإلتزامات الفارغة: “سندمّر تنظيم “داعش” أو أي مجموعة أخرى تحاول إلحاق الأذى ببلدنا… ان تهديد الإرهاب حقيقي لكننا سنتغلّب على ذلك… لن ننجرّ الى الحرب كما يريد “داعش” ولكننا سننتصر”!
طبعاً هذه إعادة مملة لشعارات التسويف والوعود الفارغة التي دأب اوباما على إطلاقها منذ تفتّقت الأزمة السورية عن “داعش” ومنذ روّع الإرهابيون أميركا والعالم عندما قطعوا رقبة الصحافي الأميركي جيمس فولي، ولعلها المرة الألف يكرر أوباما القول سندمّر “داعش”، لكن التنظيم وسّع نطاق جرائمه لتصل الى اوروبا والى كاليفورنيا التي شهدت الجريمة البشعة.
إذا كان من الضروري ان يكرر أوباما ان المعركة ليست مع الإسلام بل مع جزء لا يُذكر من أصل أكثر من مليار مسلم حول العالم، ومع الذين انحرفوا الى طريق مظلم وتبنّوا نسخة منحرفة من الإسلام، فإن من الضروري أكثر ان يقدّم ما يثبت فعلاً أنه ينخرط عملياً في هذه المعركة المزعومة، فمنذ ١٦ شهراً أعلّن عن تشكيل الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي قال انه يضمّ ٦٤ دولة، لكنه لم يتمكن من وقف زحف “داعش” ووصوله الى عقل سيد فاروق وزوجته تاشفين مالك اللذين نفذا هجوم سان برناردينو، فها هو والده يقول لصحيفة “لا ستامبا” ان ابنه كان مؤيداً لأيديولوجيا “داعش” الجهادية.
مرة أخرى يقول أوباما إنه لن ينجر الى حرب طويلة ومكلفة على الأرض في سوريا او العراق لأن هذا ما تريده مجموعات مثل “داعش”، ولأنه “اذا قاتلت أميركا على الأرض يمكنهم التمرد سنوات واستنزاف مواردنا وقتل الآلاف من جنودنا، والأفضل مواصلة الغارات الجوية وإرسال القوات الخاصة والعمل مع قوات محلية تقاتل من أجل استعادة السيطرة على بلادها… وهكذا سنحقق النصر”!
طبعاً هذه ترهات يعرف فلاديمير بوتين كيف يستغلّها، ويعرف ابو بكر البغدادي كيف يسخر منها!